أجلس أمام التلفاز لأتابع منافسات اليوم من ويمبلدون، يصرخ المعلق: «شوط مجموعة ومباراة لسام كويري». رباه، لقد خسر دجوكوفيتش؛ نوفاك الذي حرمني من آخر لقبين هنا بعد أن هزمني في نهائيين متتاليين في آخر عامين. حسنًا لقد زادت فرصي قليلًا؛ حُلم اللقب الثامن هنا والثامن عشر في بطولات الجراند سلام؛ الحُلم الذي تأخر لأربع سنوات منذ فزت بآخر ألقابي هنا في 2012، أعلم أنني لست المرشح الأول للفوز هنا ولكن هل علي أن أستمع للأصوات المنادية باعتزالي؟، هل علي بالفعل أن أكف عن المحاولة لأترك ذكرى فيديرير لامعة بلا خدوش، أم أصدق ما أراه في بريق عيني المخلصين؟. هذا البريق الذي دائمًا ما يذهب بالعديد من الرياضيين إلى طيّ النسيان ولكنه أنقذني مرات عدة فهل يستمر في إنقاذي أم يقضي علي؟. مررت بموسم عصيب تعرضت خلاله للإصابة مرتين وبسبب هذه الإصابات لم أشارك في بطولات كثيرة كالمعتاد، أحاول تجميع كل ما لدي من جهد ولياقة للفوز هنا.

أدلف إلى الملعب الرئيسي، الطقس جيد والشمس ساطعة عكس الأيام الممطرة السابقة، ربع النهائي ضد سيليتش. أتذكر عندما هزمني في 2014 على ملاعب أمريكا بثلاث مجموعات نظيفة، تبدأ المباراة بحذر متبادل من كلينا؛ أضغط على الشبكة فيحاول لعب الكرة عاليًا فأقفز عاليًا وأضرب كرة ساحقة بالباكهاند و ينفجر الملعب بالتصفيق. لا أحد يكسر الإرسال إذن نحتكم لشوط كسر التعادل، يضغط على إرسالي ويفوز بالمجموعة الأولى. أحاول طمأنة نفسي بالعودة للمباراة لكن ينكسر إرسالي في بداية المجموعة الثانية. ما الذي يحدث؟، المجموعة الثانية لسيليتش بعد إرسال ناجح.

تبدأ المجموعة الثالثة وأتعرض لثلاث نقاط لكسر إرسالي في الشوط السابع، ربما تكون قد حانت لحظة النهاية. أجد ارسالي الأول وأنجح في الحفاظ على الشوط، أعلو بالأداء وأكسر الإرسال؛ المجموعة الثالثة لي!. انحلت عقدة الإرسال اللعينة وها أنا قد وجدت طريقًا للعودة. أفوز بالمجموعة الرابعة بعد شوط كسر تعادل درامي وأجر المباراة جرًا لمجموعة فاصلة، أتنفس الصعداء وأبدأ في بسط سيطرتي على اللقاء، أرسل للفوز وأفعلها. نجوت من الخروج!


الجمعة 8 يوليو/تموز 2016، في مثل هذا اليوم قد فزت بلقبي السابع هنا منذ أربعة أعوام، نفس اليوم شهد اللقب الرابع في 2007 بعد التغلب على نادال، هذا يجعلني أتفاءل قليلًا.

أدخل مرة أخرى إلى الملعب الرئيسي الذي أحفظ أبعاده كما أحفظ تقاسيم يدي. 10 أدوار نصف نهائية بلا خسارة ليست أمرًا هينًا في عمر لاعب تنس إلا أن اليوم الأمر مختلف تمامًا. جئت مترنحًا بعد فوز بشق الأنفس واليوم علي أن أتصدى للعملاق الكندي راونتش ذي الإرسال الصاروخي.

أشجعه منذ كان عمري 9 سنوات. جمع الكرات ليس أفضل أو أمتع وظيفة في العالم بالتأكيد لكنه يكون كذلك في مباريات فيديرر، مشاهدته عن قرب ومنحه منشفته ورؤيته يتصبب عرقًا ويفكر في خطواته التالية أمر يتجاوز ما قد يحلم به أي جامع كرات، شاهدت انكساراته وانتصاراته واليوم أتساءل عما إذا كان قادرًا على العودة مرة أخرى لمنصة التتويج. إذا كان في قلبي حب لتلك اللعبة فها هو السبب يخطو للملعب الآن.

بدأ مهتزًا فانكسر إرساله بخطأ مزدوج، أي رعونة تلك يا روجر؟، أين ذهبت صلابتك الذهنية؟، أتمنى أن يستفيق ويعود في النتيجة لكنه يخسر المجموعة الأولى، بداية محبطة وغير مطمئنة على الإطلاق. ثم تبدأ المجموعة الثانية فيتحسن أداؤه ويجد إرساله الأول أخيرًا لتذهب المجموعة لشوط كسر التعادل. اللعنة، هيا يا روجر، ينجح أخيرًا في الفوز بالمجموعة لتعود المباراة لنقطة الصفر.

يسيطر على مجريات اللقاء ويتلاعب براونتش يمينًا ويسارًا، ينجح في إخراجه عن تركيزه ويتمكن من قراءة إرسالاته. عاد المايسترو، عاد روجر ليفوز بالمجموعة الثالثة. أكاد أراه في النهائي بالفعل وأفكر منذ الآن في الخصم القادم؛ على الأغلب سيكون موراي. حسنًا لقد استطاع روجر هزيمته هنا قبل ذلك ولكن تلك المرة مختلفة فمستواه لم يعد كما كان، أستيقظ من أحلام النهائي لأجده في المجموعة الرابعة مسيطرًا على المباراة، راونتش يتقدم 5-6 والإرسال مع روجر المتقدم 40-0 وعلى بعد نقطة واحدة من شوط كسر التعادل الحاسم الذي يتميز فيه وقلما خسره، الوصول للنهائي مجرد وقت الآن. يرسل روجر، يرد راونتش، يخطىء روجر 40-15، لا داعي للقلق سيفوز بالشوط لا محالة، يرسل الكرة فيرتكب خطأ مزدوجًا، يرسل مرة أخرى وخطأ مزدوج آخر. رباه ماذا يحدث بحق السماء؟!، لقد منحت راونتش فرصة العودة للفوز بالمجموعة!. عليك أن تقف وتعيد تجميع شتات نفسك!. يرسل الكرة قوية ليردها راونتش ضعيفة في وسط الملعب، يذهب لضربها عكس اتجاهه في محاولة لمباغتته ولكنه الثعلب الكندي توقع اللعبة ولم يتحرك وضرب الكرة ليفوز بالمجموعة الرابعة وسط ذهول الجميع. ماذا فعلت يا روجر؟، ماذا فعلت يا رجل؟، الملعب فارغ تمامًا ولم تجد إلا مكان راونتش لتلعب فيه كرتك؟.

يا لي من أحمق!، الملعب فارغ تمامًا ولم أجد إلا مكان راونتش لأرسل إليه كرتي!. أحاول تصفية ذهني للدخول في المجموعة الفاصلة بتركيز، لا أستطيع إخراج الشوط الأخير اللعين من رأسي، مرارة الحسرة في حلقي ولكني أحاول التركيز للفوز بشوط إرسالي. أذهب إلى الشبكة لضرب الكرة لكني أسقط على الأرض، أسقط ولا أستطيع التحرك، أنهض بعد فترة ويأتي الطبيب ليعالج قدمي الملتوية، أقف مرة أخرى وأرسل لإنقاذ فرصة الكسر، راونتش يكسر إرسالي. الأمور تتعقد، أحاول العودة بكل الطرق لكنه وجد إرساله الأول ولن يمنحني الفرصة، أنا من عدت به إلى المباراة ولن أجد سوى نفسي لألومها.

يرسل راونتش للفوز بالمباراة، الطنين يخترق أذني ولا أقوى على الحركة، يصيح الحكم بشوط مجموعة ومباراة لراونتش، انتهى كل شيء، أخرج من الملعب وحقيبتي على كتفي وكأنهما لا يحملان ما يكفي. يقف الجميع محييًا، أرغب في تحيتهم ولكني أشعر أنني لا أستحق، تحيتهم لا تزيد إلا من شعوري بالذنب والحنق. اللعنة، لقد نسيت كل شيء عن المؤتمر الصحفي. هل انتهت حكايتي مع الكرة الصفراء حقًا؟، هل حان وقت الاستسلام؟، أفيق من شرودي على سؤال هل اكتفيت من ويمبلدون؟، هل اكتفيت من الكرة الصفراء؟.

أجيب بلا، أنها ليست المرة الأخيرة لي هنا، بالتأكيد اللقب الثامن هنا مهم ولكنه ليس سبب استمراري في المنافسة. تلك اللعبة هي حياتي وبالتأكيد سأراكم السنة المقبلة.