محتوى مترجم
المصدر
Independent
التاريخ
2017/05/31
الكاتب
روبرت فيسك
لو تم الاستماع إلى كلمات أبو زيد اليوم، ربما كانوا قد استعملوها لإدانة أبو بكر البغدادي، أو في وقف جيش الأئمة السعوديين الذين يبشرون بالقضية السلفية الوهابية المحببة لداعش.

بتلك الكلمات استهل الكاتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك مقاله في صحيفة الإندبندنت، والذي تحدث خلاله عن المفكر المصري «نصر حامد أبو زيد.»

ويقول فيسك: «في عصر داعش، علينا أن نتذكر أبو زيد، الذي كان بطلًا ولو كان حيًّا الآن لتتبعته التنظيمات المتشددة في منفاه في أوروبا لتقوم باغتياله».

ويتحدث فيسك عن لقائه بـ«أبو زيد» قبل 22 عامًا، والذي كشف له أسباب عدم طلاقه من زوجته ابتهال يونس بعد صدور قرار من المحكمة بتطليقه منها بعد اعتباره «مرتدًا»، واتهامه بالعداوة الشديدة لنصوص القرآن.

وينقل فيسك عن «أبو زيد» القول: «إن ثمن بقائه مع زوجته كان غاليًا، حيث طالب الإسلاميون بقتله، كما اتهم آخرون زوجته بالزنا لرفضها ترك زوجها».

ويقول فيسك إن الأسوأ من ذلك هو مطالبة المحكمة للزوجين بالانفصال، حيث اعتبر نصر أبو زيد «مرتدًا»، وفي أعقاب الحكم كانت قوات الشرطة ووزارة الداخلية تقوم بحماية نصر أبو زيد من أي هجوم محتمل عليه.

وينتقل فيسك للتعريف بعائلة أبو زيد، ويقول إن نصر كان أستاذًا للأدب العربي بجامعة القاهرة، أما زوجته فكانت محاضرة في تاريخ الفن والحضارة الإسباني، وتخرجت في جامعة السوربون بفرنسا، وكان والدها دبلوماسيًّا فرنسيًّا.

ويذكر فيسك أن سبب طلب المحكمة طلاق الزوجين جاء على خلفية نفي نصر حامد أبو زيد لموثوقية القرآن كنص حرفي، ومن وجه الاتهامات كان أحد زملاء أبو زيد الأكاديميين، والذي رأى أن أبو زيد قد جعل نفسه معارضًا لجميع مبادئ الخطاب الديني.

أما «الخطيئة الكبرى» لنصر أبو زيد، وفقًا لفيسك، والتي لها علاقة بتنظيم داعش، فهي أنه قال إنه منذ نزول القرآن من الله حتى اللحظة التي تلاه فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- تغير القرآن من نص إلهي إلى نص إنساني.

كما أن أبو زيد عارض التفسيرات الحرفية للقرآن من المسلمين المحافظين، وإصراره على ضرورة وجود قراءة أكثر تنويرًا للقرآن بدلًا من الطاعة العمياء لكل عبارة داخله.

وقال أبو زيد: «هناك محاولة للتدمير الإبداعي والفكري والسياسي، وإذا نجح المتشددون في ذلك فسيكونون قادرين على كسر وحدة المجتمع المصري».

ويقارن فيسك بين عائلة أبو زيد التي أجبِرت على الفرار بحياتها والآلاف من ضحايا تنظيم داعش الذين فروا من أعمال العنف التي قام بها التنظيم المتشدد في سوريا والعراق.

ويعتبر فيسك أن حكم المحكمة المصرية بحق أبو زيد مخزٍ، وهو الذي جاء ردًّا على رفضه لمسألة استعباد الفتيات، ويرى أنه يشبه ما يقوم به داعش في تحويل الإيزيديات والمسيحيات إلى عبيد.

ويقول فيسك إن أبو زيد وزوجته ابتهال سافرا إلى إسبانيا أولًا، ثم إلى هولندا، حيث التقاه هناك وتحدث معه عن صراعه مع إعادة التفسيرات.

ويكشف عن بعض تفاصيل اللقاء، حيث يشير إلى أن «أبو زيد» أخبره أن العالم الإسلامي بات يشهد غيابًا مطلقًا للحرية السياسية، وفشلًا لجميع المشاريع التي بدأتها الاشتراكية والشيوعية والقومية.

كما يقول أبو زيد إن المواطن المصري الفقير لم يحصل على شيء في النهاية، وتم تجريده من حرية التفكير مع الغياب التام للديمقراطية والحرية.

وينتقد أيضًا الطاعة للحاكم، والتي يرى أنها باتت نوعًا من القناعة الدينية، مشيرًا إلى أنه في أعقاب كارثة حرب 1967 عُلِّم المسلمون أنهم هزموا نظرًا لعدم إخلاصهم الديني.

وبحسب أبو زيد، كانت تلك هي اللحظة التي ظهر من خلالها الإسلام السياسي ليصنع «النهضة الإسلامية»، لتغدو خصمًا للنهضة الغربية، وذلك الأمر آل إلى «أسلمة» المعرفة بدلًا من «عصرنة» الفكر الإسلامي.

وأثناء ذهابه للمنفى طلب أبو زيد من زوجته أن تقوم بدفنه في أي مكان، سواء في هولندا أو إسبانيا، كما أنه أخبرها أنه يرغب في أن يُدفن في مصر، لكنه يرى أن بعض البلهاء ربما كانوا سيتساءلون عن قانونية أداء صلاة الوداع على جسده كمسلم من عدمه.