محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2017/01/11
الكاتب
نيكولا داوسون

هناك القليل من القواعد الراسخة ليكون المرء والدًا جيدًا. أشد بأطفالك عند إنجازهم، سواء أكان الإنجاز كبيرًا أو صغيرًا. كن ودودًا وسعيدًا عندما تكون بقربهم. ابتسم لهم وابقى متفائلًا. عندما يتعلق الأمر بالأطفال الرضع، قم بالكثير من الاتصال اللفظي وجهًا لوجه. انظر إليهم وتحدث إليهم بينما يثرثرون ويلعبون.تقوم هذه النِهَج على دراسات مكثفة تسعى إلى فهم العلاقة بين تربية الطفل ونتائجها. مرارًا وتكرارًا، وجدت الأبحاث أن سلوكيات التربية لها تأثير كبير على تطور الطفل ونجاحه، من الأداء الدراسي إلى العلاقات الجيدة بالأقران. فماذا نستنتج؟ التربية مهمة، وبعض طرق التربية أفضل من الأخرى.لكن ما مدى تأثير مكان معيشتك أو نشأتك على كيفية تربيتك لأطفالك؟ وهل جميع أساليب التربية ملائمة في جميع الأوضاع؟ هذا هو ما درسته أثناء إجراء الأبحاث لرسالة الدكتوراه خاصتي.


الفجوات البحثية

تشير الأبحاث إلى أن السياق الثقافي يعد من الاعتبارات الهامة عندما يتعلق الأمر بالتربية ونمو الطفل،فتختلف جوانب التربية جدًا من بلد إلى بلد.

أُجريت معظم الأبحاث عن التربية ونمو الطفل في الغرب – خصوصًا في أمريكا الشمالية وشرق أوروبا. لقد أجراها باحثون غربيون يدرسون أطفالًا غربيين لهم آباء غربيين. لكن 12 بالمئة فقط من أطفال وآباء العالم يعيشون في الغرب. ولم تتم دراسة الأغلبية العظمى من العائلات في المساحات الشاسعة من العالم بعد. ما يعرفه الباحثون حاليًا وما يُقدم كـ«الأسلوب الأمثل للتربية»، يمكن افتراض أنه يتحدث عن عدد صغير من البشر فقط.تشير الأبحاث التي أجريت في أماكن أخرى من العالم إلى أن السياق الثقافي يعد من الاعتبارات الهامة عندما يتعلق الأمر بالتربية ونمو الطفل. وبينما تعد بعض جوانب «التربية الجيدة» عالمية(جملة غير مفهومة)، تبدو الجوانب الأخرى مختلفة جدًا من بلد إلى بلد.أمور مثل تقديم الإشادة، الاتصال اللفظي وجهًا لوجه وتبني موقف إيجابي وودود عندما تكون قرب أطفالك ليست موجودة عالميًا. وليس من المفترض أنها لها نفس الأهمية في بعض الأماكن – مثل ألكسندرا بجوهانسبيرج، جنوب أفريقيا، حيث أجري أبحاثي – كحالها في السياقات الغربية.


تربية الأطفال ضمن السياق

دعمت دراستي في ألكسندرا، التي يسميها البعض باسم شهرتها، أليكس، فكرة تظهر في أبحاث التربية من أماكن أخرى في العالم النامي؛وهي أن ممارسات التربية تعد -ويجب أن تكون- مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسياق، الثقافة والقيم الاجتماعية التي يُربى فيها الطفل.على سبيل المثال، طفلٌ تربى في ريف ويستتشستر بنيويورك يجب أن يكون صالحًا للعيش والعمل في ثقافته القائمة على الفردية. فمن حيث يأتي، يقاس النجاح على الأرجح بالإنجازات المهنية الشخصية والمكانة الاجتماعية الفردية. يعني هذا أنه على الأرجح سيحتاج إلى عملٍ جيدٍ.من أجل إيجاد عمل، سيحتاج على الأرجح إلى تعليمٍ غربي جيد. وليحظى بتعليم غربي جيد سيحتاج إلى الثقة بالنفس، المهارات اللفظية الجيدة والشخصية المبتسمة والودودة. لذلك، كطفل رضيع، يبدو منطقيًا أنه سيحتاج إلى أمٍ مبتسمة وعذبة الحديث تشيد به وتشجعه.لكن سلسلة السببية مختلفة بشكل ما بالنسبة لطفل ينشأ في ألكسندرا، وهي منطقة مكتظة بالسكان بها بشكل رئيسي مساكن عشوائية. كما يرتفع بها معدل الجريمة جدًا، وكذلك مستويات تعاطي المخدرات والعنف المنزلي، وبها مستويات منخفضة من التوظيف. تختلف نتائج التربية الهامة بالنسبة للوالدين في هذا السياق. فأمور مثل إبقاء أطفالك بعيدين عن المخدرات والمشاكل تمثل مخاوفًا أكبر كثيرًا مقارنة بعدد أصدقائه.ثقافيًا، تفضل الجماعية على الفردية في ألكسندرا– مثلما الحال في أنحاء القارة الأفريقية. ويعتبر الأطفال مربين جيدًا إن كانوا يحترمون الأكبر منهم ويمتثلون للممارسات التقليدية. والتواضع له قيمة أيضًا. قد يعني ذلك أن الإشادة المبالغة أمرًا غير مُشجَع، لأنه يُرى كتفضيل لنجاح الفرد على نجاح المجموعة. لا يحاول الآباء بناء الثقة لتحقيق النجاح الشخصي. بل يركزون على بناء الامتثال والاستراتيجيات الوقائية.


السعي وراء نهج للتربية محدد ثقافيًا

أظهرت الأبحاث أن ممارسات التربية يجب أن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسياق، الثقافة والقيم الاجتماعية التي يُربى فيها الطفل.
يتجه العديد من الآباء إلى علماء النفس والإخصائيين الاجتماعيين للمساعدة في تربية أطفالهم، إلا أن التجربة والبحثيظهران أن الأسلوب الغربي لا يناسب كل الثقافات

كما الحال مع أي مجتمع، يفهم بعض الآباء في أليكس الأمر بشكل صحيح على عكس الآخرين. حيث يربي بعض الآباء أطفالًا ناجحين. أخبرني آخرون أنهم محبطون بلا نهاية بسبب «السلوك السيء» لطفلهم أو «الأداء الدراسي السيء».يتجه العديد من هؤلاء الآباء المتأزمين إلى علماء النفس والأخصائيين الاجتماعيين للمساعدة. لكن التجربة والبحث يظهران أن المساعدة ليست ببساطة تطبيق التدخلات الغربية المبنية على الأبحاث الغربية. وليس واضحًا تمامًا من أين يجب أن نبدأ تطوير شيء ملائم سياقيًا وثقافيًا. تهدف أبحاثي إلى ترسيخ قواعد ليكون الشخص والدًا جيدًا في السياق الفريد جدًا لألكسندرا. وفي النهاية، سيحدد عملي الممارسات والسلوكيات التربوية الإيجابية في أليكس، والتي تؤدي إلى نتائج جيدة. كما سيبحث أي السلوكيات غير مفيد، ومصدر تلك السلوكيات.