مع اختلاف تاريخ الاحتفال بيوم الأم في دول العالم، وعلى الرغم من حداثة الفكرة التي يبلغ عمرها ما يقارب 110 أعوام، إلا أن العمر بماضيه وحاضره و مستقبله لا يعني شيئًا دون هذا الشخص الذي يبقى بقربك مهما فعلت، وفي كافة الأحوال والأوضاع، الشخص الذي يقدم لك النصح و لدعم دائمًا، سواء في الضّراء أو السراء دون أي مقابل أو تعويض. قيمة الأم وتضحياتها لا تقارن بأي شخص آخر، هي الدنيا، ودونها لا طعم للحياة. فكل عام وجميع الأمهات بألف خير.

http://gty.im/72575209

تلعب الأم دورًا بارزًا في تحديد ميول أطفالها أو توجهاتهم، وكرة القدم ليست بمعزل عن هذا الأمر، فالأم إما أن تقوم بكبت موهبة طفلها من خلال منعه من مزاولة اللعبة بحجة خطورتها وكثرة الإصابات فيها، أو تساعده وتشجعه من أجل تنمية موهبته للأفضل والأحسن. فهي أشبه بوكلاء اللاعبين عندما يدخلون عالم الاحتراف، فهي تتدبر أمورهم في الصغر لينمو بشكل أفضل وتوافق ما بين واجباته الدراسية وميوله الكروية.


«دونا توتا»، تضحياتك أوصلت طفلَكِ للمجد

من يعرف دييجو أرماندو مارادونا جيدًا، يعرف بكل تأكيد علاقته العاطفية والصلة الوثيقة التي تربطه بوالدته التي يناديها بـ«دونا توتا»، دالما سلفادورا فرانكو التي يعود لها الفضل في ظهور هذا العبقري صاحب الرغبة الجامحة والعطاء اللامتناهي، وربما يعود هذا النهم والشراهة إلى تلك التضحيات والعطاءات الكبيرة التي قدمتها دونا توتا من أجل حماية أولادها من الفقر والظروف السيئة المحيطة. وكل ما أرادته «دالما» أن ينمو دييغو وأشقاؤه بشكل صحي وسليم، وأن يكونوا أشخاصًا جيدين رغم صعوبة البيئة المحيطة.

كانت والدتي تقول لنا دائمًا إنها تعاني من آلام في البطن ولا يمكنها مشاركتنا الأكل، عندما أصبحت في الـ13 من عمري، أدركت أن والدتي لم تعان من أي آلام في المعدة، كل هذا هراء ولا أساس له من الصحة. والدتي كانت تحرم نفسها من الطعام من أجلي أنا وأشقائي، لأن الطعام لم يكن يكفي للجميع.
مارادونا متحدثًا عن والدته.

ومن أجل هذا أحبّ مارادونا والدته وقدّسها إن صح القول، وعلى الرغم من رغبتها بإكمال دراسته، لم تقف دالما في طريق ابنها ولم تحرمه من اللعب لأنها آمنت به وبموهبته.

لم تكن رغبة أمي أن ألعب كرة القدم، بل كانت تريد أن أصبح محاسبًا، لكنها لم تمنعنِ من الكرة رغم ذلك. في بعض الأحيان لم تكن تسمح لي بالخروج لألعب بالكرة، وكنت أبكي حينها بجنون، لكن دائمًا كانت تتخلى عن عنادها وتسمح لي باللعب، ولهذا أحب دونا توتا، ولولاها لم أصل إلى ما وصلت إليه
دييجو مارادونا عن والدته.

في الـ19 من نوفمبر 2011 تلقى دييجو نبأ وفاة والدته في أحد مشافي العاصمة الأرجنتينية، مارادونا، لم يتوقع أن تفارقه وهو ليس بجانبها، فكان حينها في الجو وعلى متن الطائرة قادمًا من دبي للاطمئنان على صحة والدته. بعد يوم واحد عم الصمت استاد بومبونيرا خلال مباراة بوكا جونيورز وراسينغ حزنًا على المرأة التي ضحت وعانت كثيرًا للحفاظ على طفلها في الطريق الصحيح رغم صعوبة المهمة.


«دونا ميغيلينا» القمصان جميعها لكِ

في البرازيل وربما جميع الدول اللاتينية، تكشف الحب الكبير في أعماق البشر هناك، وتلامس العاطفة الداخلية من خلال تلك الدموع التي تنهمر في لحظات الحزن والفرح، فطبيعة العلاقات الاجتماعية ذات طابع ودي وهذه سمة واضحة تميز المجتمع البرازيلي ككل.

عندما انتقل رونالدينهو إلى نادي أتلتيكو مينييرو في عام 2012، لم يتردد «دينهو» عند سؤاله عن الرقم الذي يريده على قميصه فاختار الرقم 49 وهو العام الذي ولدت فيه والدته «ميغيلينا» 1949. وقُبيل انتقاله إلى مينييرو، كان البرازيلي يفكر جديًا في الاعتزال بعد تشخيص والدته بإصابتها بورم سرطاني، رونالدينهو فكر كثيرًا في الأمر لكنه قرر إكمال مسيرته بسبب الدعم الجماهيري له، وتجلى هذا الدعم عندما رفعت جماهير الفريق لافتة كُتِب عليها «ثق بالله»، واحتفل رونالدينيو خلال المباراة برفع يديه للسماء غارقًا في دموعه بعد تسجيله للهدف، وفي قلبه يتلو الصلوات من أجلها.

بعد عام ظهر البرازيلي في مقابلة مع إحدى المحطات، والدموع تكسي وجنتيه مرة أخرى، لكنها كانت دموع الفرح بسبب انتهاء معاناة والدته المَرَضية.

و أخيرًا تخلصت أمي من المرض، الفحص النهائي حمل أخبارًا سعيدة، الحمد لله لقد كانت سنة صعبة
رونالدينهو جاوتشو.

وبعد تحقيق كأس كوبا ليبرتادورس مع أتلتيكو سأله الصحفي عن القميص الذي يرتديه، فلقب ليبرتادورس يعني أن رونالدينيو قد أحرز لقب جميع البطولات الممكنة على مستوى الأندية والمنتخب.

هذا القميص لأمي، فهي لديها جميع القمصان التي أحرزت بها جميع ألقابي
رونالدينهو جاوتشو عن والدته.
أنا فخورة أن أقول إني كنت الحارس الأول الذي سجل رونالدينيو هدفًا في مرماه، عندما كان صغيرًا قضيت ساعات طويلة أمام باب المرآب أحاول صد كراته
والدة رونالدينهو بعد فوز ابنها بالكرة الذهبية في عام 2005.

«مارينا تاتشيان» رغم المآسي سأقف صامدة من أجلهم

في الكثير من الأحيان تجد الأم نفسها مجبرة على القيام بدور مضاعف في مرحلة مبكرة بسبب وفاة الأب بعد فترة قصيرة من الزواج، فهي بحاجة للاهتمام بأطفالها وتربيتهم وفي الوقت ذاته يجب عليها العمل من أجل إعالة نفسها وأطفالها، ومارينا تاتشيان اختبرت هذه المعاناة بعد وفاة زوجها عندما كانت تبلغ من العمر 31 عامًا.

مارينا والدة اللاعب الأرميني «هنريك مخيتاريان» لاعب مانشستر يونايتد الحالي، زوجها كان اللاعب الدولي السابق لمنتخب أرمينيا «هامليت مخيتاريان» وتوفي عام 1996 بعد إصابته بورم سرطاني، في تلك الآونة كان هنريك في السابعة من عمره وشقيقته الكبرى مونيكا تبلغ 10 سنوات. و كان من الصعب على الأسرة مواصلة العيش بعد هذه الخسارة الجسيمة، ولكن أثبثت مارينا أنها امرأة قوية، فتمكنت من تربية أطفالها بمفردها وساعدتهم على تحقيق أهدافهم.

عائلة هاملت أكلمت ما بدأه الأب قبل وفاته، فمارينا تعمل منذ سنين طويلة في الاتحاد الأرميني لكرة القدم، ومونيكا تعمل في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والطفل الأصغر وصل به الحلم إلى مسرح الأحلام، وتظن مارينا أن لولدها بعض القواسم المشتركة مع والده وأهمها الانضباط الذاتي والجدية في العمل. أما هاملت، فقامت مارينا في بداية الألفية بإطلاق بطولة خاصة باللاعبين الشباب حملت اسم زوجها لتخلد ذكراه دائمًا.


«سيلفيا» ومن يعرِفُك جيدًا أكثر من والدتك

عندما تمر ببعض المصاعب أو تتلقى خبرًا مفرحًا، لا حاجة لقول ما في قلبك، فهناك من يعرف طباعك وحاجاتك أكثر مما تعرف نفسك، ووالدة بالوتيللي فسرت للجميع لماذا احتفل ابنها بهذه الطريقة أمام ألمانيا في بطولة أمم أوروبا 2012.

والدة ماريو بالوتيللي.


«الأمن الأمُومي» هو الحل الأمثل للشغب الجماهيري

عندما يشعر ماريو بالضغوطات يكون رد فعله الوحيد الصمت والانعزال عن الآخرين، حصل هذا خلال المباراة السابقة أمام أيرلندا، لقد حاولنا جاهدين الاتصال به و رفض الإجابة أو الرد، وهذا هو سبب بكائه بعد تسجيله الهدفين، كان من الصعب أن يعانقني أمام الجماهير ولكنه كان سعيدًا للغاية في هذه اللحظة، وهمس في أذني وطلب أن أجلب له هدية وأحضر والده إلى كييف

كحل للعنف الزائد الذي يجتاح الملاعب البرازيلية، قام نادي ريسيفي البرازيلي بالاستعانة بأمن خاص للتعاون مع النادي من أجل ضبط الأمن، والهدف الوحيد هو ثني المشجعين عن القتال وإثارة أعمال الشغب. حيث قام نادي ريسيفي بتدريب 30 امرأة من أمهات المشجعين من أجل الوقوف على جوانب الملعب ومراقبة الجماهير قُبيل مواجهة الديربي أمام نادي ناوتيشو، الأمهات ارتدين زي «Stewards» وكتب على الزي من الخلف «Security Mums» والهدف من هذه الفكرة جعل المشجعين المتعصبين أكثر وعيًا بهدف إحلال السلام في الملاعب، وفي النهاية لا أحد منا يرغب أن تراه والدته و هو يتعارك مع أحدهم أو يتبادل اللكمات مع شخص آخر.

المراجع
  1. دييجو مارادونا
  2. رونالدينهو جاوتشو
  3. هنريك مخيتاريان
  4. ماريو بالوتيللي
  5. استعانة الأمن البرازيلي بالأمهات