الكثير من عشاق السينما يدينون بالفضل لأفلام عام 1994، ذلك العام الذي شهد عرض أفلام مثل؛ «The Shawshank Redemption»، و«Pulp Fiction»، و«Forrest Gump»، و«The Lion King»، والكثير من الأفلام المميزة الأخرى حتى في الإطار التجاري والكوميدي. هذا المستوى المميز غير المسبوق دفع «أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة» لجلب نجمين بحجم «آل باتشينو» و«روبرت دينيرو» ليقدما جائزة الأوسكار لذلك العام.ويلاحظ أن هناك أعوامًا محدودة تجتمع فيها -صدفة- مجموعة أفلام شديدة التميز تتحول لعلامات في تاريخ السينما، وهذا يجعل الأكاديمية عرضة للنقد العنيف في اختيارها للفيلم الفائز بجائزة الأوسكار. ففي نفس هذا العام حصل«Forrest Gump» على جائزة أفضل فيلم، ولكن الزمن نصر المنافسين الآخرين، ففيلم «The Shawshank Redemption» تصدر قائمة «imdb» لأفضل 250 فيلمًا في تاريخ السينما من اختيار جمهور الموقع، وفيلم «Pulp Fiction» في العشرة الأوائل.

اقرأ أيضًا:500 مسلسل في 2017: التلفزيون ينتظر مستقبلاً مكتظًا وتعتبر أهم الأعوام التي شهدت تجمعًا للأفلام التي ستصبح علامات في الثلاثة عقود الأخيرة هما 1994 و2007، ويليهم 1998، و2014، ثم 2012. وهناك مؤشرات إيجابية تجعلنا نتوقع أن يكون عام 2017 من الأعوام المميزة التي لن تنسى، سواء على مستوى أفلام موسم الجوائز أو الأفلام التجارية العادية. فما هي هذه المؤشرات؟.


عودة المخرجين الكبار

أحد أهم مؤشرات تميز العام أو ضعفه هو قوة أسماء المخرجين المتواجدين، فإذا كانت الأسماء كبيرة ومميزة، ففي أسوأ الأحوال، ستحافظ على حد أدنى من جودة الأفلام وبالتالي جودة العام السينمائي. وعام 2017 حافل بكبار المخرجين سواء في الأفلام الناطقة بالإنجليزية أو غيرها من اللغات الأوربية.

فعلى المستوي الأوروبي يشهد هذا العام عودة المخرج النمساوي «مايكل هانيكه» بفيلم «Happy End» بمشاركة واحدة من أكثر ممثلات أوروبا والعالم موهبة «إيزابيل أوبير». آخر فيلمين لهانيكه أخرجهما وكتبهما حصلا على جائزة «السعفة الذهبية» من مهرجان «كان» السينمائي، كما فاز فيلمه الأخير «Amour» بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية.وبعيدًا عن الجوائز، فأفلام هانيكه تمثل إضافة ثقافية هامة لأنه يجمع بين مواضيع اجتماعية وسياسية، بالإضافة لرؤيته النابعة من كونة ظل يُدرس الفلسفة لفترة طويلة. قصة فيلمه تدور حول تعامل أسرة فرنسية برجوازية مع ظاهرة اللاجئين السوريين.

كما يشارك المخرج «مايكل هازنوفيتش» الحاصل على جائزة الأوسكار عن فيلم «The Artist»، بفيلم سيرة ذاتية عن المخرج والمناضل اليساري الفرنسي، وأهم مؤسسي المدرسة الواقعية الجديدة، «جان لوك جودار». كما يشارك المخرج اليوناني «يورغس لانثيموس» بفيلم «The Killing Of A Sacred Deer» وهو من إنتاج بريطاني ومن بطولة «كولن فيرل»، و«نيكول كيدمان».أما على مستوى الأفلام الأمريكية، فيعود مرة أخرى بعد غياب ثلاث سنوات المخرج الكبير «بول توماس أندرسون»، في تعاون مدوٍّ مع الممثل الغائب منذ خمس سنوات السير «دانيال داي لويس»، والذي يعتبر مجرد إعلان مشاركته علامة ثقل وتميز لهذا العام السينمائي على مستوى التمثيل. كما أن أفلام توماس أندرسون تكون دائمًا ناقدة للمجتمع الأمريكي ولمنظومته الأخلاقية والفكرية. كما يعود هذا العام المخرج الروحاني المتأمل «دارين أرنفوسكي» بفيلم «!Mother» بمشاركة النجمين «جينفير لورانس» و«خافير بارديم».

ويعود المخرج المنتظر بشدة من الجمهور «كرستوفر نولان» بفيلم مقتبس عن إحدى المعارك الشهيرة في الحرب العالمية الثانية والتي خاضتها القوات البريطانية والمسماة بموقعة Dunkirk. ولكن الفيلم تصنيفه الرقابي يتيح المشاهدة لمن هم فوق 13 عامًا وبالتالي هو ليس فيلمًا حربيًا دمويًا كفيلم «إنقاذ الجندي ريان»، ولكنه سيكون فيلمًا دراميًا عن مشاعر الجنود والضباط الإنسانية أثناء هذه المعركة الفارقة. كما تعود المخرجة «صوفيا كوبلا» للساحة مرة أخرى بفيلم «The Beguiled» المنافس على السعفة الذهبية.


الأفلام التجارية: عودة السلاسل القديمة

مؤشرات إيجابية بعد عرض فيلمي «Fast 8»، و«Alien»، فكلاهما حصل على تقييمات نقدية وجماهيرية جيدة، وهذا ينبئ بقوة أفلام السلاسل الممتدة. وبالإضافة للفيلمين السابقين سنشاهد الجزء الخامس من سلسلة «قراصنة الكاريبي» التي اشتهرت بشخصية القرصان «جاك سبارو» والذي يجسده «جوني ديب»، ولكن هذه السلسلة عانت من ضعف في جزئها الرابع، ولذلك من المأمول من محبيها أن تتأثر إيجابيًا بتطور الأجزاء الأخيرة من السلاسل القديمة.

اقرأ أيضًا:أفلام «الجزء الثاني» تسيطر على سينما 2017 كما سيشهد هذا العام الجزء الثاني من ثلاثية «Star Wars» الجديدة، وكان الجزء الأول قد حقق نجاحًا كبيرًا على كل المستويات، وكذلك الجزء الثاني من الفيلم المنتظر بشدة «Kingsman»، والثالث من «War For The Planet Of The Apes»، وكذلك إعادة إحياء سلسلة «the mummy»، وهذا يدلل على توجه جديد من الإستديوهات الكبرى بإعادة إحياء السلاسل القديمة الممتدة، ولكن بمعاير وشروط فنية مرتفعة، لكي تكون قادرة على المنافسة التجارية.أما أفلام الأبطال الخارقين والتي سيطرت على شباك التذاكر في السنوات السابقة، فستشهد هذا العام استمرارية قوية، خصوصًا بعد التغيرات الإدارية والفنية التي قامت بها شركة «DC Comics» نتيجة لإخفاقها النسبي في أفلامها السابقة أمام تفوق كاسح لشركة «Marvel». وبدأت نتائج هذه التغيرات في الظهور مع المؤشرات الإيجابية الأولى لفيلم «wonder women». وتستمر مارفيل في تقديم سلسلة أفلامها المتصلة المعروفة بـ«عالم مارفيل السينمائي». أما إستديوهات «fox» فقد حصدت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا مفاجئًا للغاية عقب عرض فيلم «Logan» والذي تظهر فيه شخصية ولفريين للمرة الأخيرة، بالإضافة لفيلم Deadpool الجزء الثاني والذي لاقى جزؤه الأول نجاحًا ضخمًا في شباك التذاكر رغم تصنيفه كفيلم للكبار فقط.

اقرأ أيضًا:فيلم «Logan»: الإنسان وسؤال الدم جميع هذه المؤشرات تؤكد أننا قد نكون في انتظار عام مميز على كل المستويات، وبالتأكيد هذا التميز إن حدث فسينعكس على التنافسية في موسم الجوائز، وسيفرض على الشركات المنتجة في الأعوام القادمة ضرورة تطوير الأفلام التجارية سواء في كتابتها أو تمثيلها، وهذه العناصر كانت لا تهتم بها الإستديوهات الكبرى في السلاسل الممتدة.