إذا أخفينا مشاعرنا أو أنكرناها، فإننا ندمر علاقاتنا بأيدينا، فإذا أخفينا مشاعرنا عن أبنائنا فقد يظنون أننا لا نُحبهم، وقد تتدمر علاقتنا بهم وربما نخسرهم، هذا لا ينطبق على الأبناء فقط، بل على الجميع من حولنا.

هل هناك أهمية للتعبير عن المشاعر؟

عندما نعرف ما يدور بداخلنا، فذلك يساعدنا على فهم أنفسنا وبالتالي مساعدة الآخرين على فهمنا بشكل واضح، بينما إذا حاولنا كبت مشاعرنا فإنها ستظهر على أية حال سواء من خلال نغمات أصواتنا أو لغة أجسادنا أو تعبيرات وجوهنا، وقد يجتهد الآخرون في توقعها، مما ينتج فهمًا خاطئًا لنا. لذلك كي لا تخوننا مشاعرنا في لحظة ما، وكي لا يسيء الآخرون فهمنا، علينا أن نعبر عن تلك المشاعر بشكل واضح لا يحتمل اللبس.

والمشاعر هي صياغة الإنسان في وقته الحالي، سواء نجاحه أو محنته،فالمشاعر يصعب إخفاؤها والاحتفاظ بها داخلنا، ومن الأفضل لصحتنا النفسية، ولمن حولنا، أن نجيد التعبير عن مشاعرنا بشكل جيد، فمن جانبنا حدث التنفيث الذي يُعيد توازننا الداخلي لطبيعته مرة أخرى، ويسمح للآخرين بإظهار دعمهم ومساعدتنا والتخفيف عنا، أو مشاركتنا أفراحنا من ناحية أخرى.


لماذا علينا تعليم الأطفال التعبير عن مشاعرهم بدقة؟

عندما يتدرب الطفل على ذلك وهو صغير سيسهل عليه التواصل مع نفسه والآخرين وتقبل نفسه ومشاعره كما هي دون خجل منها أو خوف من إظهارها في المستقبل، وذلك يحتاج لكثير من المجهود في البداية لأن الأطفال يكونون في مرحلة استكشاف المشاعر ولا يستطيعون التمييز بينها ولا حتى معرفة أسمائها، فربما يصيب طفلك الإحباط في الكثير من الأوقات ويخرج هذا في هيئة انفعال عصبي لعدم مقدرته على التعبير عن نفسه للآخرين، بينما حين يتعلم (المشاعر) فهنا سيستبدل العصبية بالكلمات المُعبرة فيحسن التصرف.

مثال: عندما يشعر بالنعاس يبكي، هو لا يريد البكاء بل هو يعبر عن حاجته للنوم.

أيضًا من الأخطاء الشائعة لدى بعض الأُسر عندما يبكي طفل من الذكور يأمرونه بالتوقف عن البكاء لأن البكاء للبنات فقط، فهو يجب أن يتحلى بالقوة، وينسون أن البكاء أمر صحي للتخلص من الأعباء والضغوط التي يحملها بداخله، لا بد من وجود متنفس لهذه الضغوط فتراكمها داخله سيولد مشاعر سلبية تتراكم داخله فتُنتج خللا في توازنه النفسي.


كيف أقدم المشاعر لطفلي؟

1. بداية بالقدوة فهي من أهم الوسائل وأكثرها فعالية في التأثير على طفلك. عندما تعبر بشكل واضح وصريح مع استخدام تعبيرات الوجه والجسد، سواء كانت مشاعر إيجابية أم سلبية. عندما أمرض أخبرهم أني مريضة، أنا غضبانة، أنا حزينة، أنا سعيدة، أنا جائعة، أنا عطشانة، أنا أحبك، أنا أفتقدك، أنا نعسانة.

2. عندما ألاحظ عليه مشاعر معينة ولا يستطيع التعبير عنها بإمكاني مساعدته عن طريق سؤاله: كيف تشعر؟ «حاسس بإيه؟» هل أنت نعسان؟، هل أنت حزين؟، هل أنت جعان؟. وأحاول تجنب هذا السؤال «كيف حالك؟» لأنه سؤال غير محدد ولا يسأل عن المشاعر بوضوح، ويمكن الإجابة عليه «أنا بخير».

3. في مرحلة متقدمة عندما ألاحظ أن الطفل يستطيع استيعاب الأمور بشكل أفضل، أعرض عليه صورا للمشاعر المختلفة وأسمي كل شعور في الصورة، وأسأله في أوقات مختلفة في اليوم أن يختار الصورة التي تعبر عن مشاعره الحالية.

4. استخدام بعض الأنشطة والقصص تشجعه على التعبير عن مشاعره وفهمها بشكل أفضل، وأشجعه على استخدامها في التعبير عن نفسه عندما يتعرض لموقف ما أسأله عن شعوره «حاسس بإيه دلوقتي؟».

وهنا بعض الأمثلة للأنشطة التي تساعدك في مساعدة طفلك على التعبير عن مشاعره

– يمكنك تصوير طفلك في حالات مزاجية مختلفة وتسمية كل شعور لكل صورة ومساعدة الطفل في وصف الشعور الذي يشعر به.

تعبيرات وجه الأطفال
تعبيرات وجه الأطفال

– إذا كنت معلمة للأطفال أو لديكِ أكثر من طفل يمكنك عمل هذه اللوحة لمعرفة الحالة المزاجية لكل طفل لديك، وذلك بعد أن تقومي بتعريفهم على مسمى كل شعور ووصفه لهم.

جدول المشاعر، تربية
– في هذا النشاط ستساعدين طفلك على معرفة كيف يتحكم في غضبه، وعندما يغضب يمكنكِ إعطاؤه هذه البطاقات لتذكريه بما يمكنه فعله ليتحكم في ذلك الغضب.
التعبير عن الغضب
التعبير عن الغضب

– من الأنشطة الممتعة بالنسبة لكِ وللطفل سيكون الرسم بالرمل أو الدقيق على الطاولة المشاعر المختلفة والتعرف عليها وستحظين بالمتعة أيضا معه أثناء ممارسة ذلك النشاط.

تعليم الطفل المشاعر
تعليم الطفل المشاعر

– العصيان الخشبية يمكنك استغلالها في رسم المشاعر المختلفة وكتابة أسمائها، ويمكنكِ لعب هذه اللعبة مع طفلك بحيث تطلبين منه أن يختار شعورا ليقلده في موقف درامي تؤلفانه سويا وتمثلانه بحيث تعرفينه بطريقة غير مباشرة من خلال اللعب الدرامي كيفية التصرف في هذا الموقف مع هذا الشعور.

نشاط الوجوه التعبيرية
نشاط الوجوه التعبيرية

– يمكنك عرض فيلم inside out لطفلك فهو موجه للأطفال ليساعدهم على التعرف وفهم مشاعرهم وتقبلها والتعبير عنها. أو ربما لو نتحدث بدقة أكثر فهو موجه لنا أيضا البالغين، فهو يوضح حقائق علمية بطريقة مبسطة وممتعة للغاية يمكنكم أن تشاهدوه مع أطفالكم وتستمتعوا به سويا. فهو يوضح عدة نقاط هامة بطريقة مبسطة منها:

يجسد الفيلم المشاعر الأساسية: السعادة، والحزن، والغضب، والخوف، والاشمئزاز، وكيفية التحكم في كل شعور منهم. ويوضح أيضا أن لكل شخص مشاعر خاصة به تقوده تختلف عن الآخرين، ففي الفيلم كان الشعور الأساسي الذي يقود الطفلة هو السعادة، أما الأم فكان الحزن هو المتحكم في قيادتها، وبالنسبة للأب فكان الغضب هو المتحكم الأول في مشاعره. معلومة مهمة جدا أوصَلها الفيلم بخفة وبساطة شديدة، تساعد الطفل على التعرف على مشاعر الآخرين وكيفية التعامل معها.

تطور المشاعر من المشاعر الأولية الخمسة التي تتحكم في عقل الطفلة ولا يمكن لأكثر من شعور أن يتحكم في نفس اللحظة في عقلها. ثم في نهاية الفيلم تتعاون المشاعر وتعمل سويا في التحكم في عقل الطفلة من خلال لوحة تحكم جديدة تساعدهم على العمل في نفس الوقت. حيث يوضح بهذه الطريقة كيف تتطور المشاعر داخلنا بتقدم العمر ونشعر في اللحظة الواحدة بأكثر من شعور، وتبدأ مشاعر جديدة في الظهور لم تكن موجودة من قبل؛ مثل: العار، الذنب، الفخر، الكسوف أو الحرج، الانتماء، الغيرة. كل هذا يحدث لأن مشاعرنا الأساسية تعمل الآن مع لوحة تحكم أكثر تعقيدا.

تحدث أيضا عن الذاكرة وأنواعها، وكيف تتحول الذكريات للذاكرة طويلة المدى، وكيف يمكن أن تتغير الذكرى السعيدة لحزينة عندما يصيبها الحزن، فذكرياتنا ليست راكدة ولكنها تتغير وتتطور على حسب تجاربنا وخبراتنا الجديدة.

ويوضح أيضا أن بعض المشاعر مرتبطة بذكريات معينة، فعندما يمر الإنسان بموقف يدعو للبهجة تستدعي المشاعر الذكريات المرتبطة بالبهجة والسعادة، وكذلك الحزن والمشاعر الأخرى. كل ذلك يساعد الطفل بطريقة غير مباشرة على استيعاب فكرة الترابط بين المشاعر واستدعاء الذكريات المرتبطة بها.

وينصح بعض المتخصصين النفسيين بهذا الفيلم للأطفال والبالغين للتعرف على مشاعرهم وتقبلها فهي من المبادئ النفسية الهامة.


هذه بعض النقاط التي تساعدك على الاهتمام بمساعدة طفلك للتعبير عن مشاعره حتى تسهلي عليه مستقبله، ولكي تحميه من جزء كبير من الأمراض النفسية المصاحبة لكبت المشاعر أو عدم القدرة عن التعبير عنها، وتذكري أن تعبير طفلك عن مشاعره بوضوح يحتاج لمساحة كافية من الأمان منك والشعور بالحب غير المشروط الذي يساعده على التعبير عن ما يريد بصراحة كاملة، ويأتي هذا من الثقة التي تنشئينها مع طفلك منذ ولادته.

المراجع
  1. 5 Difficult Concepts Made Easier by Disney's "Inside Out"
  2. كتاب المشاعر – ستيفن فروش