محتوى مترجم
المصدر
Harvard business review
التاريخ
2016/05/02
الكاتب
كاتي تينان

إنه صباح الجمعة قبل العاشرة صباحًا مباشرة، وأنا واقفة في منطقة انتظار مع أكثر من ألف مشجع، جميعهم ينتظرون بحرص «إسقاط الحبل»، وبدء اليوم الأول من المؤتمر. على يساري تقف مشجعة ترتدي زي شبح ورقي مكتمل بنمو نبات متعرش على رأسها، وعلى يميني يقف الرجل الوطواط (باتمان). إنه «باكس» (معرض ألعاب «بيني أركيد»)؛ أحد أكبر مؤتمرات الألعاب في العالم، وأنا هنا لأرى المستقبل – مستقبل العمل.

بينما لن يرضى معظم المدراء بلعب «هالو» في أماكن العمل، تقود ألعاب الفيديو اليوم كثيرًا من الابتكار في الفيديو، الواقع الافتراضي، وتقنيات التعاون– إنه أمر له تبعات هامة على كيفية عملنا، خصوصًا مع الزملاء البعيدين.

استخدمت صناعة السيارات تقنيات التصميم والتصنيع بمساعدة الحاسوب، كمحاكيات مبرمجة بفيزياء العالم الحقيقي والتصوير المتقدم الذي استخدم الألعاب.

كل جيل جديد من الألعاب يتطلب قوة معالجة أكبر، عرضٍ أسرع للفيديو، وذاكرة أكبر بالمقارنة بالجيل السابق. يأتي نظامي الألعاب «بورج» و«إيريا 51» معدين بوظيفة التبريد السائل، وهي تهجين لمحركات الأقراص الدوارة والصلبة، وذاكرة للوصول العشوائي (رام) تبلغ سرعتها رقمًا ثلاثيًا. تقدمت مواصفات المنصات المخصصة للألعاب مثل إكس بوكس، من شركة مايكروسوفت، وبلايستين، من شركة سوني، عامًا بعد عام لمواكبة المطالب الشرهة لمصممي الألعاب. تلك التقدمات بدورها تخفض تكلفة الأنظمة المشتغلة بطاقة أقل، وتحفز الابتكار في حلول الحاسب المحمول، وكذلك الأجهزة المحمولة.

يسمى أحد التطورات الأحدث 4K، أو «ألترا هاي ديفنيشن». تتطلب هذه الدقة المتقدمة قوة معالجة للفيديو مذهلة، لكنها تسمح أيضًا بعرض غامر ونابض بالحياة لبيئات الألعاب. كانت صناعة السيارات ضمن الصناعات الأولى التي رأت بشائر تقنيات مثل التصميم بمساعدة الحاسوب (كاد)، والتصنيع بمساعدة الحاسوب (كام). حيث يستخدمون محاكيات مبرمجة بفيزياء العالم الحقيقي والتصوير المتقدم الذي استخدم لأول مرة في عالم الألعاب لاختبار كيفية استجابة التصميمات الجديدة للسيارات في سيناريوهات القيادة المختلفة. وتصقل التصميمات في العالم الافتراضي قبل أن ينفق صناع السيارات سنتًا على بناء سيارات حقيقية. يسهل تخيل شركات أخرى تتصور وتختبر المنتجات المادية بهذه الطريقة بواسطة مستوى الدقة الذي أصبح ممكنًا بفضل هذه الأدوات.

يعد هذا مجرد بداية لما لدى الألعاب لتقدمه للأعمال. تغمر التقنيات مثل الواقع الافتراضي، البيئات متعددة المستخدمين، واللعب في الوقت الحقيقي اللاعبين داخل مناطق حروب أو كواكب بعيدة اليوم، لكنها ستستخدم مستقبلًا من قبل منظمات لبناء قوة عاملة أكثر تعاونية.

http://gty.im/503570330

ضع في الاعتبار الآثار الواقعة على العاملين عن بعد. لقد وجد مسح أجرته شركة «سيمنز إنتربرايز كوميونيكاشنر» عام 2012 أن هناك مستوياتٍ مرتفعة من الإحباط، والانفصال والتشتت بين أعضاء الفرق الافتراضية. يَعِد الواقع الافتراضي بتقديم حل، ويمثل ذلك أحد أسباب توقع «جولدمان ساكس» أنه بحلول عام 2025، سينمو سوق الواقع الافتراضي والحقيقة المدمجة لتبلغ قيمته 80 مليار دولار، أو حوالي حجم سوق الكمبيوتر اليوم.

وجد مسح أجرته «سيمنز إنتربرايز كوميونيكاشنر» مستوياتٍ مرتفعة من الإحباط، والانفصال والتشتت بين أعضاء فرق العمل، يمكن للواقع الافتراضي حلها.

تخيل الانضمام إلى اجتماع موجود في الفضاء الافتراضي – قاعة مؤتمرات معروضة بشكل ثلاثي الأبعاد، مكتملة بالمقاعد، الطاولة، السبورة، والقهوة. ومع انضمام زملائك، ترى تجسداتهم تدخل إلى الغرفة وتجلس حول الطاولة. يمثل ذلك الاجتماع محاكاة غامرة لاجتماع مجموعة من الأشخاص بأنفسهم، والمصنوع بمساعدة أجهزة استشعار الحركة التي تتبع الحركة البدنية أو القفازات المعدة لالتقاط حركات اليد ولغة الجسد. يأتي الصوت عبر بث مباشر من قبل كل مشارك. في هذا السيناريو، من الصعب على أعضاء الفريق التسلل خارجًا لغسل ملابسهم، أو توزيع انتباههم على مشروعات أخرى؛ لأن انتباههم ملتزم بالكامل بالبيئة الافتراضية للاجتماع.

الأشخاص الذين يلعبون الألعاب الغامرة ثلاثية الأبعاد يستخدمون هذه التقنية بالفعل. لكن المعدات مكلفة (يبلغ سعر Oculus Rift Headset 599 دولار، ويبلغ سعر PlayStation VR headset الخاص بشركة سوني 400 دولار، بينما يبلغ سعر HTC Vive 800 دولار). لكن كما الحال مع أي تقنية جديدة، ستهبط الأسعار مع مرور الوقت. يضيف باعة الاجتماعات الافتراضية حاليًا دعم هذه الأدوات لخرائط منتجاتهم. لذا فبينما لا تجلس حاليًا على الأرجح في قاعة مؤتمرات افتراضية، قد تفعل ذلك قريبًا.

تحتل الألعاب الصدارة في مجال تقني آخر مهم؛ إنه مشاركة المستخدم. يعد توسيع اللعب أولوية عليا لدى مصممي الألعاب، حيث تتمثل إحدى وسائل اجتذابهم لاهتمام الناس في تعزيز العلاقة الشخصية التي تربطهم باللعبة. يتيح لك العديد من الألعاب الأكثر شعبية اليوم، من محاكيات لعبة الجولف إلى «سيمز»، صنع تجسيدٍ خاصٍ بك. يخلق ذلك صلة عاطفية بين اللاعب واللعبة. يسمح متجر «كيو في آي تي»، وهو متجر لبيع الملابس على الإنترنت، للمتسوقين بصنع تجسيدات شخصية لتقيس الملابس، حيث يراهن على أن رؤية نفسك الافتراضية مرتدية للملابس ستجعلك أكثر ميلًا لشرائها.

تستقى بعض الأساليب المستخدمة لجعلك تستمر في اللعب من علم النفس السلوكي. وتوظف العديد من الشركات متخصصين في علم النفس لابتكار إستراتيجيات لذلك.

تستقى بعض الأساليب المستخدمة لجعلك تستمر في اللعب مباشرة من علم النفس السلوكي. في الواقع، العديد من شركات الألعاب توظف متخصصين في علم النفس لابتكار إستراتيجيات للمشاركة. فكر بشأن آخر لعبة لعبتها. المراحل الأولى تكون سهلة للغاية، تحظى فيها بالانتصارات والمكافآت، سواء في صورة ترقية الأسلحة أو الحصول على أموال افتراضية داخل اللعبة. لكن كلما لعبت لفترة أطول، كلما أصبح الترقي إلى المستوى التالي أصعب. يسمى ذلك بفترة أو نسبة المكافأة. إن كانت الفترات طويلة للغاية، يُحبط اللاعب ويترك اللعبة. وإن كانت قصيرة للغاية، يشعر اللاعب بأن اللعبة سهلة للغاية ولا تستحق وقته. يُستنبط تحسين فترات المكافآت من أعمال بي إف سكينر، وعلماء السلوك الآخرين.

http://gty.im/474061767

بينما قد يكون ذلك مقلقًا للوالدين الذين لا يتوقف أطفالهم عن لعب ألعاب الفيديو، تم الترحيب بذلك كوسيلة لإشراك المتعلمين. في عام 2014، تصدرت شركة مايكروسوفت عناوين الصحافة عندما استحوذت على شركة ماينكرافت – أحد أشهر منصات الألعاب في السوق. في مطلع عام 2016، أعلنوا عن إصدار نسخة ماينكرافت التعليمية؛ ما يضع الكثير من الرهانات على أن الألعاب هي مستقبل التعلم. نفذت شركة سيسكو سيستمز برنامج تعلم قائم على الألعاب لمساعدة الموظفين والمتعاقدين على تحسين مهاراتهم الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي، وأدمجت شركة ديلويت التلعيب في أكاديمية القيادة على الإنترنت الخاصة بها في عام 2016. خلال ثلاثة أشهر، ازداد عدد المستخدمين العائدين إلى الموقع بشكل يومي بنسبة 46,6 بالمئة. مع إدراك الشركات لفوائد المشاركة المتزايدة عبر الألعاب، سيستمر عدد وتنوع تطبيقات التعلم في النمو.

يصدر عدد قليل فقط من التقدمات التكنولوجية عن قطاع الألعاب. لكن هناك أمر واحد يبدو واضحًا؛ الألعاب تحدد المسار المستقبلي. فهل أنت منتبه لها؟.