محتوى مترجم
المصدر
Haaretz
التاريخ
2016/08/06
الكاتب
تسفي بارئيل

يضم حساب فيسبوك «لمسيح علي نجاد»، والذي يُدعى «حريتي السرية»، بعض الصور غير المعتادة، من بينها صور لرجال يرتدون حجاب النساء، ونساء ذوات شعرٍ قصير يرتدون ملابس الرجال، ومئات التعليقات من المتصفحين تثني على هؤلاء الرجال والنساء.علي نجاد هي إيرانية تعيش في نيويورك، انضمت إلى المعركة ضد ما يُدعى بقانون الحجاب الإيراني، والذي يفرض على جميع الإناث اللاتي يتجاوز عمرهن السابعة تغطية رؤوسهن. جندت شرطة طهران 7 آلاف شرطي سري للقبض على النساء الشجاعات اللاتي تجرأن على السير بدون أغطية رأس، بل وحتى النساء اللاتي يقدن دراجة بشعرٍ مكشوف – في منتزهٍ للنساء فقط. وظيفة رجال الشرطة هي ضبط حالات مخالفة للأخلاق، على حد تعبير مفوض الشرطة. يُلقى القبض على النساء المتلبسات ويتعرضن للتوبيخ وأحيانًا للسجن أو تُفرض عليهن غرامة كبيرة.الاحتجاج في وجه ما يوصف بالهجوم الأخلاقوي للنظام، والذي يتضمن من بين أشياءٍ أخرى، تحطيم أكثر من 100 ألف طبق استقبال للأقمار الصناعية كاستعراضٍ، ربما يائس، للقوة. لكن استنادًا إلى الصخب على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الأمر لم ينته.

تعكس المعركة ضد الحجاب الإلزامي في إيران، إحباط الشباب من نتائج الاتفاق النووي مع القوى الدولية.

تعكس المعركة ضد الحجاب الإلزامي روحًا جديدة بين الشباب الإيراني، وإحباطهم من نتائج الاتفاق النووي مع القوى الدولية. لقد حلموا بانتعاشةٍ اقتصادية وانفتاحٍ أكبر على الغرب. بالفعل، وقّعت الشركات الغربية عقودًا ضخمة مع الشركات الحكومية الإيرانية، وزاد عدد السياح الغربيين في إيران. لكن الازدهار الناتج لم يتسرب إلى الشعب.لم تنخفض نسبة البطالة، وما تزال العقوبات الأمريكية تمنع أي تحويلاتٍ بالدولار، وعندما تلقي الشرطة القبض على 150 طفلًا لاشتراكهم في حفلةٍ مختلطة يزداد الغضب أكثر، ليس فقط ضد المحافظين وإنما ضد الرئيس، حسن روحاني، الذي لا يبدو أنه يستطيع تحويل الاتفاق النووي إلى تغيرٍ اقتصادي واجتماعي.في ظل هذه الظروف، وجد النظام نفسه أيضًا متورطًا في معضلةٍ خطيرة؛ حيث وجّهت وزارة التجارة الإيرانية منذ شهرين إنذارًا نهائيًا إلى شركة أبل: إما أن تفتح فرعًا محليًا في إيران وإما سيقوم النظام بمنع كل أجهزة الآيفون من دخول البلاد، مُسبِبًا للشركة خسائر تُقدَر بملايين الدولارات، حيث يملك الإيرانيون في الوقت الحالي حوالي 6 مليون هاتف آيفون، أغلبها مُهرّبة إلى البلاد من خلال دبي. حققت أبل أرباحًا بالملايين من ذلك التهريب، لكن النظام لم يربح ريالًا واحدًا.لكنها ليست الرغبة في المال المتحصل من بيع هواتف الآيفون هي التي جعلت النظام يقوم بتلك الخطوة، وإنما ضرورة اختراق حائط العقوبات الأمريكية. المنطق الكامن وراء الإنذار هو أن أبل لن ترغب في خسارة أرباحها من إيران وسوف تضغط على واشنطن لترفع العقوبات.من الصعب أن نشهد قيام أبل بالسخرية من القانون وفتح فرع في طهران، لكن مجرد حقيقة وجود إنذار إيراني يطالب شركة أمريكية – مسئولة عن «توريد» الثقافة الغربية إلى إيران – بفتح فرعٍ محلي لها، تشهد على التناقض الكامن في السياسة الإيرانية.حالة أبل هي، بالطبع، مثالٌ واحدٌ فقط لصراعات القوى التي تدور رحاها في إيران، بين العناصر التي تحاول إبعاد المؤثرات الغربية، الأمريكية بشكل رئيسي، وهؤلاء الذين يريدون توسيع العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة؛ أو بين هؤلاء أصحاب مصالح المدرسة القديمة مثل الحرس الثوري ومُدللي النظام، وحكومة روحاني، التي تفضّل انفتاح الاقتصاد الإيراني والقضاء على الاحتكارات التي تقبض على رقبته.

يسعى خامنئي إلى توحيد قوات البلاد الأمنية وتشكيل كيان عسكري موحد يُنهي وضع إيران الشاذ بحيازتها لجيشين: الجيش النظامي والحرس الثوري.

يتبقى 10 أشهر على موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، لكن كلما اقترب موعد التصويت تصاعدت حدة تلك الصراعات الداخلية، وهي ليست ببعيدة عن الدوائر العسكرية أيضًا.في أواخر يونيو 2016، عيّن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي «محمد حسين باقري» رئيسًا لهيئة أركان القوات المسلحة الإيراني، ليحل محل «حسن فيروز آبادي»، والذي تولى المنصب منذ عام 2002. قبل ذلك، كان آبادي نائب رئيس الأركان منذ عام 1989. باقري هو جندي مخضرم ترأس القيادة العامة للقوات المسلحة لشئون الاستخبارات والعمليات، بينما فيروز آبادي هو طبيبٌ بيطري من حيث المهنة، وتكمن قوته في صلاته القوية بخامنئي.لكن مسائل البراعة العسكرية لم تكن الدافع وراء هذا التعيين. يطمح خامنئي، مجددًا، إلى توحيد قوات البلاد الأمنية وتشكيل كيان عسكري موحد يُنهي أخيرًا وضع إيران الشاذ بحيازتها لجيشين: الجيش النظامي والحرس الثوري.فشلت مثل تلك الجهود في الماضي بسبب صراعات القوى بين الجيش والحرس الثوري. يمكن أن يكون تعيين باقري، المقرب بشدة من الحرس وأحد المحسوبين على قائده، محمد علي جعفري، وقاسم سليماني؛ نقطة تحول.يهدف جعل الحرس الثوري والموالين له مسئولين عن إدارة الجيش إلى جعل المؤسسة العسكرية بالكامل أكثر فعالية، وتقليل التكاليف الأمنية الهائلة التي تتكبدها إيران، لكنه سيكون أيضًا عائقًا قويًا أمام الإصلاحات التي يرغب روحاني في تطبيقها.أبل، بل وحتى الحجاب، على وشك أن تصبحا مشكلاتٍ أصغر.