منذ تأسيس الصين الجديدة فى عام 1949، شهدت العلاقات بين الصين ومصر، فضلاً عن بلدان في الشرق الأوسط تغييرات دراماتيكية في فترة تاريخية قصيرة. ومع ذلك، لم يكن أحد ينظر إلى هذه التغييرات من “وسائل الإعلام المنظور”. وفي محاولة متواضعة سنحاول هنا تسليط الضوء على كيفية التعامل مع وسائل الاعلام الصينية لقضايا مصر والشرق الأوسط، وخاصة بعد ثورتي 25 يناير و 30 يونيو/ حزيران في مصر ودول ثورات الربيع العربي.

وتأتي الأهمية المتزايدة لهذه الثورات لما أحدثته من تغييرات كبيرة في النظام الاقليمي والدولي، أيضاً التداعيات التي خلفتها هذه الثورات من مواقف مختلفة من القوى الإقليمية والدولية، وينسب هذا الاختلاف في المواقف – التي ظهرت واضحة وجلية- أن صانع القرار في تلك البلدان وضعت مواقف بلاده في هذا الصدد وفقاً لعدة اعتبارات.

وتتكون وسائل الاعلام الصينية أساساً من التلفزيون والصحف والراديو والمجلات. ومنذ عام 2000، برزت الإنترنت أيضاً كوسيط لشبكة الاتصالات، يقع تحت إشراف الدولة الصينية. والأمر اللافت للنظر هنا، أنه منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949 وحتى 1980، كانت تقريباً جميع وسائل الإعلام في البر الرئيسى للصين تحت إدارة الدولة. وبدأ ظهور عدد من وسائل الإعلام المستقلة في فترة بداية الإصلاحات الاقتصادية، على الرغم من أن وسائل الإعلام الرسمية تقع تحت قبضة الدولة و “الحزب الشيوعي الحاكم”، مثل: وكالة أنباء شينخوا، الدوائر التلفزيونية المغلقة. فضلاً عن المشاركة بحصتها من الدعاية والاعلانات مع الدولة، وذلك (باستثناء هونغ كونغ وماكاو، والتي لديها وسائل الاعلام منفصلة).

وتأتي هنا نقطة الضعف الجوهرية من خلال التساؤل: هل تعبر وسائل الاعلام الصينية الرسمية بالفعل عن الرأي العام في البلاد، حيث أنه نادراً ما يأخذ شكل استطلاعات الرأي العلمية أو المسوحات التجريبية لدور الرأي العام في الصين، وغالباً، ما تقوم وسائل الإعلام الصينية – تحت إشراف الدولة- من جعل القضايا الخلافية أكثر بروزاً ومناسبة للتعبير عن المشاعر والآراء العامة بحيث يمكن بذل هذا الضغط لحل بعض القضايا الاجتماعية الأكثر إثارة للجدل. ولكنه، أحياناً ما ينظر إلى “الرأي العام” الصيني كقوة منعشة وإيجابية في المشهد الإعلامي، فقد ساهمت بعض التحقيقات الصحفية بشكل إيجابي في فضح الفساد الرسمي والمشاكل الاجتماعية في البلاد بحيث تم ذلك تحت إشراف وضغط من قبل “الرأي العام”، بحيث يصبح دور وسائل الإعلام في النهاية هو أن تعكس إرادة الرأي العام الصيني، كقناة لتعبئة هذا الرأي إلى صوت إيجابي، وتحول المشاكل والقضايا العامة البارزة إلى نقاش عام، مما يؤثر على نتائج القرارات.

وبهذا المعنى، يمكن القول أن إشراف الرأي العام الصيني يعد بمثابة نقد قوي لسلطة الدولة، حتي وإن انحرف الأمر عن المسار أحياناً. ويمكن تتبع العلاقة بين وسائل الاعلام الصيني الرسمي والرأي العام، من خلال الاشارة لعدد من الحقائق والأحداث التالية قامت بتحليلها الكاتبة، كالآتي:

أولا: الملاحظ هنا هو سيطرة الحكومة الصينية على وسائل الاعلام وإعادة تشكيل “الرأي العام الصيني” تجاه ثورتي 25 يناير و 30 يونيو في مصر ودول ثورات “الياسمين” العربي، وفق سياسيات ممنهجة معتمدة من قبل النظام، وذلك بفضل “رسالة موحدة” يحصلون عليه من وسائل الإعلام التي تديرها الدولة تحت رقابة مشددة. بحيث تمثل وجهات النظر الرسمية في أعلى البلاد مثل: “وكالة أنباء شينخوا” و “تلفزيون الصين المركزي”، مع التزام جميع القنوات المحلية والصحف المحلية الأخري بالقواعد المتعارف عليها في هذا الاطار بعدم الخروج عن “الاتساق العام” في تناول الدولة الصينية للقضايا الداخلية والخارجية.

ثانيا: لقد كشفت التقارير الإخبارية وأساليب توجيه “الرأي العام” في الصين في بداية التغيرات التي تحدث في مصر والشرق الأوسط بشكل عام، أنها تحتاج إلى مزيد من الإصلاح. ففي بداية الأحداث في الشرق الأوسط، كانت التغطية الإعلامية الصينية محدودة للغاية وتكاد تقتصر على وسائل الإعلام المطبوعة، وخصوصاً الصحف المحلية، ولكن مع بداية الاضطرابات في ليبيا، بدأت وسائل الإعلام الصينية التغطية واسعة النطاق للأحداث، والتي كشفت عن العديد من أوجه القصور في التغطية الإعلامية.

ومع سخونة الأحداث في المنطقة، هرعت الكثير من وسائل الإعلام الصينية إلى وسائل الإعلام الغربية في استخدام بعض التعبيرات الغربية مثل “الربيع العربي” و “الثورة الديمقراطية”، وكشفت عن عمق أزمة التبعية التي تعيشها وسائل الإعلام الصينية. ومن خلال التأمل في تقارير وسائل الإعلام والتعليقات يمكننا اكتشاف مدي تدني وانخفاض مستوى وسائل الإعلام الصينية في تغطيتها لأحداث المنطقة، كما يكشف عن تدني مستوى الدراسات المتعلقة بالشرق الأوسط، وهذا ما اتضح جلياً من خلال هذه التغطيات الاعلامية .

ثالثا: بشكل عام، تعتبر السياسة الصينية، وخاصة وسائل الاعلام متخلفة كثيراً في متابعة الأحداث الساخنة والأزمات الدولية – وعلى رأسها الثورات العربية وثورتي 25 يناير و 30 يونيو في مصر- نتيجة العقبات البيروقراطية وهيكل النظام الذي لا يزال مرتبطاً بالحكم الشيوعي، وعدم وضوح آليات صنع القرار كما هو الحال في النظم الديمقراطية، وبالتالي لوحظ التأخير الصيني في اتخاذ مواقف متقدمة أو استباقية حول أكثر الأزمات الدولية مثل الربيع العربي في كل من: تونس، مصر، ليبيا، فضلاً عن الأزمة السورية.

رابعا: التحليل النهائي في هذا الصدد، يكشف أن وسائل الإعلام الصينية – منذ بداية اندلاع الأحداث في منطقة “شمال أفريقيا وغرب آسيا MENA” (وهو التعبير الشائع والمتعارف عليه بين الأكاديميين وصناع القرار الصينيين للإشارة إلى منطقة الشرق الأوسط)، قد مالت إلى اتباع نمط السياسة الخارجية “الثابت” في احترام السيادة الوطنية، واعتماد مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والتي تعتبر من أهم الأسس التي تستند إليها السياسات الخارجية للصين. ففي بداية الأحداث، فعلت السلطات الصينية بما في ذلك الحزب الشيوعي (CCP)، وجميع وسائل الإعلام في البلاد ما في وسعها لمنع خبر انتشار الثورة المصرية إلى الشعب الصيني. وفي السادس من شهر فبراير لعام 2011، والذي يمثل “ذروة الاحتجاجات”، أبلغت صحيفة “الشعب” اليومية الصينية القراء أن “الحكومة المصرية مستمرة في تنفيذ تدابير مختلفة لدعم استعادة النظام الاجتماعي في البلاد”.

ولكن على شبكة الإنترنت في الصين، كان هناك بعض الجهود من قبل عدد من النشطاء الصينيين رغم قبضة الشرطة القوية حينئذ لاستخدام تعبيرات صينية يمكن ترجمتها بـ “خنق مبارك”، “هزيمة مبارك في التحرير”، “المستبد”، “البلطجة”، “الفاسدين”، وغيرها من التعبيرات التي انتشرت علي شبكة الانترنت، في حين أعلنت الرقابة الصينية على استخدام كلمة مبارك (جنباً إلى جنب مع “مصر” وغيرها من الكلمات ذات نتائج البحث العالية) كونها كلمات ذات دلالة “حساسة” وتم تفعيل تكنولوجيا “المرشحات” أو “الفلترات” على الانترنت لحذف أي رسالة تحتوي علي مثل هذه العبارات من قبل مستخدمي الانترنت الصينيين، في لعبة شبهها بعض النشطاء السياسيين الصينيين بـ “القط والفأر”، بل وتم ابتكار بدائل بارعة من قبل مستخدمي الانترنت الصينيين للالتفاف حول هذه الرقابة من خلال البحث عن كلمات أخرى تقودهم لمعرفة أخبار الثورة المصرية وأحداث “التحرير”.

خامسا: شكلت الانتفاضة المصرية حرجاً حقيقياً لحكام الصين لأنه يقوض واحدة من الحجج المفضلة لديهم منذ فترة طويلة والمعروفة باسم “الديمقراطية الصينية ذات الخصائص الاجتماعية” وبأن الصين لديها “الخصائص الخاصة بالديمقراطية” (بمعنى أن شعبها يفضلون السلطوية، على الأقل حتى الآن للنهوض ببلادهم)، وأن مطالب الديمقراطية وحقوق الإنسان في الصين هي مجرد نتائج وتكتيكات تخريبية في البلاد، تتم في مقرات الدول الغربية لـ “مناهضة نمو الصين” والوقوف ضدها. ولكن، تري الكاتبة، إذا كان ذلك نظرية صحيحة لدي الحكومة الصينية، ينبغي شرح لماذا خرجت الملايين من الشعب المصري لمعارضة مبارك، الذي كان هو نفسه “عميل” للولايات المتحدة ومقرباً من دوائر السلطة والقرار في واشنطن.

سادسا: فعلت السلطات الصينية ما يمكن لوقف الأخبار والأسوأ من ذلك، هو الخوف من تأثير الشعب التونسي والمصري على الرأي العام الصيني، مما أدي لتشديد الرقابة على الانترنت، ويمكن للكاتبة التدليل على ذلك من خلال الخطاب الذي ألقاه الرئيس الصيني “هو جين تاو” في صباح يوم 19 فبراير/ شباط، حيث ألقى خطاباً رئيسياً لجمهور من حكام المقاطعات وزراء الحكومة المركزية على الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

وبعد استعراض الانجازات المجيدة للحزب الشيوعي الحاكم، وصحة الأيديولوجية الثابتة للحزب، أشار “هو جين تاو” لعدة أمور، ولم يذكر الشرق الأوسط أو أي من أصداء الاحتجاجات الدائة هناك، وإمكانية تأثيرها على المصالح الصينية، لكنه قال: ونحن في أشد الحاجة –بشكل كبير- للسيطرة على المعلومات على شبكة الإنترنت، وتنظيم “المجتمع الافتراضي” لشبكة الانترنت، وفي أمس الحاجة لتوجيه الرأي العام الصيني في هذا المجتمع في إطار “الاتجاهات الصحية” التي تفيد البلاد وليس التي تضر السلم والأمن الاجتماعي.

سابعا: ولكن التطورات المذهلة في المنطقة قد قلبت التوقعات في إمكانية أن تستخدم القيادة السياسية الصينية وسائل الاعلام لتحقيق الاستقرار في البلاد، حيث لم تعد الصين معزولة عن الاضطرابات في الشرق الأوسط، مع تعرض الاستثمارات السياسية والمالية في بعض دول الثورات للخطر. وكأن الأمر أشبه بكابوس خاصة بعد خطاب “هو جين تاو” ففي ذلك اليوم نفسه، 19 فبراير/شباط وضع شخص ما مجهول عبر الإنترنت عبارة للدعوة لـ “ثورة الياسمين” في الصين.

وفي غضون ساعات، انتشر عدد من دعاة الديمقراطية الصيني في عدة مدن، بما في ذلك عدد من المحامين البارزين والموقعين على بيان “الديمقراطية”، وتم اعتقالهم من قبل الشرطة الصينية على الفور واستجوابهم، وتقديمهم إلى مراكز الشرطة بتهم “الدعوة للتظاهر”. ومن هنا تشعر قيادة الحزب الشيوعي بالقلق البالغ من “الربيع العربي” والضغوط من أجل التغيير السياسي في “الصين”. وقد برز “الاستقرار الداخلي” كقضية مثيرة للقلق بشكل متزايد لقادة الصين على مدى الفترة الماضية. وتسعى قيادة الحزب لمنع أي تصعيد سياسي في البلاد.

استراتيجيات الاعلام الصيني بعد الربيع العربي

أما عن الاستراتيجيات الاعلامية الصينية الجديدة بعد “الثورات العربية”، فيمكن أن نشير إلي أن الربيع العربي قد خلق “وضعاً جديداً” تماماً، ومعها مراكز جديدة لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، وتداعيات هذه التغييرات لا يمكن التنبؤ بها، كما لا يبدو أن العملية تقترب من نهايتها. وهذا الوضع الجديد يدفع وسائل الإعلام الصينية الحكومية نفسها لمواجهة هذا الوضع المعقد، مما اضطرها في الفترة الأخيرة لتغيير المواقف والتكتيكات والبحث عن فرص جديدة. وبصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي، يتعين على الصين أن تعمل كقوة مسؤولة للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وعلاوة على ذلك، فإن الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط أظهرت أن سياسة الصين تجاه المنطقة تكلفتها مرتفعة للغاية.

ومن هنا ينبغي هنا طرح تساؤل هام للغاية حول: ما إذا كانت السياسات الصينية تقوم – في الوقت الحالي- على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى أو على “المصالح الوطنية”؟ لأنه أضحي من غير المعقول بالنسبة للصين البقاء بعيداً عن شؤون دول الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن نفوذ الصين قد تأثر في الآونة الأخيرة نتيجة لعدم قدرتها على فهم الاضطرابات التي حدثت في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط. ومن هنا، فإن موجة الاضطرابات التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط تشكل تهديداً حقيقياً للمصالح الجيوستراتيجية الحالية للصين هناك، والضغوط التي تمارس على بكين من قبل الغرب يمكن أن تؤدي إلى خسارة الصين نفوذها دولياً خاصة في مجال احترام “حقوق الانسان”.

وقد كشفت تقارير إعلامية أن الاستثمارات الصينية في مناطق ثورات الربيع العربي قد خسرت مئات المليارات، نتيجة لتعقيد الوضع في المنطقة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض “التقارير الاعلامية الصينية” قد أشارت حديثاً إلى أن أحداث واضطرابات وتغييرات “الربيع العربي” – وهي الاشارات المستخدمة في الاعلام الصيني الرسمي بعيداً عن الثورات- قد شجعت كثيراً من “القوى المتطرفة” في آسيا الوسطى، بما في ذلك “الحركة الاسلامية في تركستان الشرقية” في إقليم “شينغيانغ” على إحداث قلاقل ضد الصين والحزب الشيوعي الحاكم في البلاد، وبالتالي تقويض الانسجام على طول الحدود الغربية للصين، وكذلك زعزعة السلام والاستقرار في جنوب آسيا، ومن هنا فإن أحداث الربيع العربي – من وجهة نظر الاعلام الصيني- كان لها “آثار أمنية بعيدة المدى” على الصين، والتي قد تساعد على تحديد الإنفاق الدفاعي العالمي على حد بعض التحليلات الصينية في هذا الشأن.

وعند تحليل دور وسائل الاعلام الصينية وسياسة الحكومة الصينية الجديدة في الشرق الأوسط بعد ثورات “الربيع العربي” والثورات المصرية على وجه التحديد، تجب مراعاة التحديات والفرص لسياسة الصين في المنطقة، من خلال دراسة كيف يمكن لأحداث منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط MENA أن تؤثر على رؤية حكومة بكين للمنطقة وللعالم، حيث يتأتي ذلك من خلال عدد من المناطق الشائكة، وهي مناطق: الاقتصاد والتجارة والاستقرار الاجتماعي، والتنافس الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.

حيث تشير الأدلة إلى أنه على الرغم من أن هناك تحديات ومخاطر تتعرض لها السياسة الخارجية الصينية في المدى القصير، إلا أنه على المدى الطويل هناك بعض الفوائد الاقتصادية والمزايا الاستراتيجية من خلال سياسة “التوجه شرقاً” التي انتهجتها عدد من دول ثورات “الياسمين” بعيداً عن الهيمنة الأمريكية والغربية، وهو ما اتضح جلياً بعد 25 يناير في مصر وزيارة الرئيس السابق “محمد مرسي” للصين، و بعد 30 يونيو وزيارة الرئيس “السيسي” للصين ورفع مستوى العلاقات إلى “الشراكة الاستراتيجية” بين البلدين.

ومن هنا، فإن الاستراتيجية الاعلامية الجديدة لدوائر صنع القرار في الصين تدور حول: مناقشة عدد من الخيارات السياسية مثل: الحفاظ على المصالح السياسية والتجارية الصينية، والأخطار التي تهدد سلامة المواطنين الصينيين، والمخاوف الكبيرة حول الأخطار المحتملة من عدم الاستقرار في المنطقة كلها مما يؤثر على مصالح الصين على المدي الطويل، وهي كلها عوامل تم مناقشتها في دوائر عملية صنع القرار الصيني خلال الربيع العربي.

ولكن أظهرت الصين أيضاً قدراً من “البراغماتية” في محاولة لتأمين مصالحها في المستقبل، حيث أنه بعد “استقالة مبارك”، تحركت الصين بسرعة لإقامة علاقات مع السلطات الانتقالية في مصر وكذلك في تونس. وتم الترحيب بالرئيسين “محمد مرسي” و “السيسي” ودعوتهما لزيارة الصين بغض النظر عن توجهاتهما أو تعرض أحدهما أو كلاهما لبعض الانتقادات الداخلية أو الخارجية.

وبناءً على ذلك، فإن الثورات في مصر والشرق الأوسط، دفعت وسائل الاعلام الرسمية الصينية إلى التفكير بعمق حول: ما هي الاستراتيجيات اللازم توجيهها إلى “الرأي العام” لتعزيز الإصلاحات في البلاد دون اشتباك عنيف أو إحداث انتفاضة داخلياً، وخارجياً حول: كيف يمكن أن تحافظ الصين على مصالحها في المنطقة بدون أن تخسر أي طرف من الأطراف.

ومن هنا، تخلص الكاتبة إلي أنه يجب الآن أن تزن الصين مصالحها والاستراتيجيات المستقبلية في منطقة الشرق الأوسط سياسياً واجتماعياً، وتعيد بناء استراتيجية جديدة داخلياً من خلال عمل إصلاحات سياسية “نافذة” في الدولة الصينية، والمضي قدماً نحو إرساء أسس ديمقراطية سليمة، وخارجياً من خلال “بناء الثقة” مع الشعوب العربية بدلاً من القادة “الديكتاتوريين” في أوطاننا العربية، وهذا لن يتأتي إلا من خلال دور “القوة الناعمة” المتمثلة في مراكز الفكر والأبحاث الصينية، ودور المراكز الثقافية الصينية ومعاهد كونفوشيوس المنتشرة في عالمنا العربي.

——————————————————————————-

*محاضر وباحث زائر بمركز دراسات الشرق الأوسط/ جامعة لوند بالسويد

إقرأ المزيد

نظرة علي المارد الصيني (1) : التطور الصيني الهش ( مترجم )

نظرة على المارد الصيني (2) : ماذا يعني جلوس الصين على عرش الاقتصاد العالمي؟ (مترجم)