محتوى مترجم
المصدر
هآرتس
التاريخ
2017/01/02
الكاتب
موشيه أرينز

يطرح «موشيه أرينز»، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، في مقاله في صحيفة «هآرتس»، رؤيته حول مستقبل السلام بالنسبة لإسرائيل في المنطقة، فيصف طبيعة العلاقات التي تجمع إسرائيل بكل من مصر والأردن والمملكة العربية السعودية، ثم يعرج إلى شرح أسباب تعثر السلام مع الفلسطينيين.


إن انحياز العرب كجبهة واحدة ضد إسرائيل قد أخذ في الانهيار، منذ توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، ورغم أنه يبدو تاريخًا قديمًا، إلا أن المسيرة اُستكملت بعد 15 عامًا مع معاهدة السلام مع الأردن عام 1994.

خسر الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني موقعه في صدارة أجندة العديد من الحكام العرب، ولكنه ظل على رأس أجندة معظم الإسرائيليين.

كان ذلك قبل 22 عامًا. واستمرت هذه العملية، ولكن بمعدلات بطيئة للغاية، كما ينبغي أن يكون متوقعًا، حتى بدأت الدول العربية تعتاد تدريجيًا على وجود دولة يهودية بينهم.

خلال السنوات القليلة الماضية، حدثت تغيرات لا يمكن تصديقها، فالحاكم المصري عبد الفتاح سيسي واجه تهديدًا إرهابيًا إسلاميًا متشددًا من جانب جماعة الإخوان المسلمين، وصار يرى إسرائيل كحليف ضد عدو مشترك.

حُكام المملكة العربية السعودية منزعجين من القوة المتنامية للنظام الديني في إيران، وبرنامجه للأسلحة النووية، وصاروا يروا في إسرائيل حليف محتمل ضد تهديد مشترك.

بالإضافة إلى ذلك، فمنذ سنوات عديدة وحتى يومنا هذا، عندما يواجه الحكام الهاشميين للأردن مخاطر محدقة، فإنهم يرون في إسرائيل مصدر دعمهم وملاذهم الأخير.

لذا، فمن الواضح أن هناك تغيرات «تكتونية» تجري في مواقف بعض الدول العربية تجاه إسرائيل، وهذه التغيرات تُبشّر بتقدم مسيرة السلام على نحو جيد بين إسرائيل وجيرانها العرب.

التنافس الديني والقبلي الذي يهيمن على خريطة الأحداث في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، هو السبب الجذري في تغير توجهات بعض الحكام العرب تجاه إسرائيل، وهو التغير الذي يضع في اعتباره القوة العسكرية الإسرائيلية ومعدلات التنمية الاقتصادية الهائلة، التي جعلت من إسرائيل الفاعل المهيمن على الساحة الشرق أوسطية.

ولكن، ينبغي للمرء أن يكون على بينة من هشاشة هذه التغييرات، فليس من الواضح على الإطلاق أن غالبية شعوب مصر والأردن تدعم السلام مع إسرائيل، أو أن نظرة الشعب السعودي قد تطورت على نفس النحو الذي تطورت به نظرة حُكامها.

وهذا ليس بشيء جديد. فالسلام مع إسرائيل لم يتحقق بناءً على إرادة الشعوب العربية، بل صنعه الحكام العرب المعنيين بمصالحهم الشخصية، والقادرين على فرض ذلك السلام على شعوبهم.

هذه التطورات، والتي أصبحت من المسلمات لدى البعض، جلبت بعض العزاء للإسرائيليين الذين يسعون لتحقيق السلام مع الفلسطينيين، ويرغبون في تخليص إسرائيل من عبء «الاحتلال» في يهودا والسامرة (مصطلح رسمي في إسرائيل يشير إلى الضفة الغربية).

منذ رحيل ياسر عرفات، ليس هناك زعيم فلسطيني قادر على فرض السلام مع إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

إن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، الذي كان يُنظر إليه لسنوات عديدة أنه السبب في غياب السلام عن الشرق الأوسط، فقد هذه المكانة، بسبب التغييرات التي سيطرت على المنطقة، وخسر موقعه في صدارة أجندة العديد من الحكام العرب، ولكنه ظل على رأس أجندة معظم الإسرائيليين.

من المهم أن نفهم الأسباب التي أدت إلى جعل حل هذا الصراع ذي طبيعة مستعصية. فالعلاقة مع الفلسطينيين تفتقد لـ «اللبنات الأساسية» التي دعمت معاهدات السلام مع مصر والأردن، وغيّرت من العلاقة مع المملكة العربية السعودية. فمنذ رحيل ياسر عرفات، ليس هناك زعيم فلسطيني قادر على فرض السلام مع إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

على عكس الحكام المصريين والأردنيين الذين منعوا استخدام حدودهم لشن هجمات ضد إسرائيل، لا يوجد أي فلسطيني في الأفق قادر على فعل نفس الشيء إذا تأسست دولة فلسطينية في يهودا والسامرة. فما حدث بعد فك الارتباط عن غزة لا يزال ماثلًا في أذهان معظم الإسرائيليين. ففي ظل حكم حماس لغزة، وبدعم كبير في أوساط السكان الفلسطينيين في يهودا والسامرة، لم يتم التعهد فقط بعدم إتمام السلام مع إسرائيل، ولكن بتدمير إسرائيل.

كيف يمكنك تحقيق السلام في ظل هذه الظروف؟ إن الظروف قد تتغير. ولكن لسوء الحظ، فإن إسرائيل لا تملك القدرة على تغييرها، ولكنها ربما تتغير. وكما نرى، فإن الأمور في الشرق الأوسط تتغير بالفعل، ولكن الأمر يتطلب بعض الوقت.