ما بين حقوق الإنسان وتنمية الإنسان، لا يذهب المجتمع المدني بعيدًا، من الممكن أن تختلف إستراتيجيات وسبل العمل، وأحيانًا تختلف ميادين العمل قليلًا، إلا أن الهدف العام يظل واحدًا ما بين تمكين الإنسان اقتصاديا، وتمكينه من حقوقه، فالهدف في النهاية هو تحسين وضع الإنسان والارتقاء به.

بدأ مفهوم التنمية في الظهور في أوائل سبيعينات القرن الماضي، عندما عقدت الأمم المتحدة مؤتمر البيئة الإنسانية في مدينة ستكوهولم، لمناقشة حق الأمم في بيئة صحية وسليمة وفي عام 1980 نشر الاتحاد العالمي للمحافظة على الموارد الطبيعية الإستراتيجية العالمية للمحافظة، حيث كانت أول مرة يتم الإشارة فيها إلى مفهوم التنمية المستدامة حيث تمت الإشارة إلى المحافظة على الموارد الطبيعية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التنمية المستدامة والقضاء على فقر ملاين البشر.

وفي عام 1983 تم إنشاء اللجنة العالمية للبيئة والتنمية، وبعدها بتسعة أعوام عقد المؤتمر الأول للأمم المتحدة للبيئة والتنمية في القرن العشرين، والذي تم خلاله وضع برنامج التنمية المستدامة للقرن العشرين. وفي يناير/كانون الثاني 2016 بدأ تنفيذ أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 والتي تضم 17 هدفًا أبرزهم: الفقر والصحة والتعليم والتغير المناخي المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء.

وتعني التنمية المستدامة «توفير احتياجات الأجيال الحالية بدون التأثير على قدرات الأجيال المستقبلية في إشباع احتياجتهم»، وهناك العديد من مؤسسات المجتمع المدني في مصر التي تعمل على التنمية المستدامة وتحاول تغطية أهدافها جميعًا.


بناء إنسان لبناء مجتمع

الجامعة الأمريكية بالقاهرة

في عام 2005 تم تسجيل الجمعية وإشهارها بوزارة التضامن الاجتماعي لتشكل كيانًا موحدًا يعمل على تنمية المجتمع وتمكين أفراده اقتصاديًا.

بدأت جمعية «علشانك يا بلدي» كنشاط طلابي عام 2002 بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكان هدف النشاط حينها تقديم توفير حلول دائمة للمجتمعات الأقل حظًا، وتم اختيار منطق عين الصيرة بمصر القديمة للعمل بها، ثم أخذت الفكرة تنتقل للعديد من الجامعات المصرية، وفي عام 2005 تم تسجيل الجمعية وإشهارها بوزارة التضامن الاجتماعي لتشكل كيانًا موحدًا يعمل على تنمية المجتمع وتمكين أفراده اقتصاديًا.

وتعمل الجمعية على تمكين الفئات الأقل حظًا، إلى جانب تمكين الشباب من أجل تحسين مهارتهم وبناء مستقبلهم المهني، وتمكين المرأة إلى جانب تمكين منظمات المجتمع المدني والتي تعمل في مجال التنمية من أجل تعزيز الشركات المستدامة بينهم، لإفادة أكبر قدر ممكن من المواطنين. هذا بالإضافة إلى عملها على إدراج الفئات السابقة اقتصاديًا واجتماعيًا وتشجيعهم على الاندماج والمشاركة في تنمية مجتمعهم، كما تسعى الجمعية إلى تكرار النموذج التنموي الذي تعمل به من خلال تأكيد مبادئ التمكين والإدراج على مستوى المجتمع ككل وليس على مستوى الأفراد المستفدين من خدمات الجمعية وحسب.

ومن أجل تطبيق تلك الأهداف تعمل الجمعية على دعم الابتكار الاجتماعي، فعملت الجمعية على عدد من المشاريع منها تمكين المرأة اجتماعيًا واقتصاديًا، من خلال برامج التدريب والتوظيف وريادة الأعمال «ابتكر» والذي يقوم على التمويل الصغير ومتناهي الصغر، كما تعمل الجمعية على دعم المجتمعات المحلية من خلال برنامج التوسع والانتشار في المجتمعات المحلية التي تعمل بها الجمعية. كما تهتم بشباب الجامعات من خلال أنديتها الطلابية في 12 جامعة بمصر.


اتجاه لتمكين الشباب

تهدف اتجاه لتوفير بيئة مهنية آمنة لتنمية الشباب في مصر، كما تعمل على تشجيع إقامة مجتمع عادل تتاح فيه فرص متساوية للجميع

تأسست المؤسسة الاستشارية للشباب والتنمية«اتجاه» عام 2006، وتعمل المؤسسة على تنمية الشباب بشكل خاص من خلال تقديم التدريب والدعم للشباب للإرتقاء بقدراتهم، إلى جانب تقديم الدعم للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تهتم بتمكين الشباب.

وتهدف اتجاه لتوفير بيئة مهنية آمنة لتنمية الشباب في مصر، كما تعمل على تشجيع إقامة مجتمع عادل تتاح فيه فرص متساوية للجميع من شباب ونساء ورجال لبناء البنية التحتية السياسية والاقتصادية والتجتماعية.

وتعمل اتجاه على الكثير من المشاريع من أجل تحقيق أهدافها وتنمية الشباب مثل مشروع «فرصة عمل» لتعليم عدد من شباب المناطق العشوائية تجارة التجزئة وكيفية إدارة مشاريع خاصة بها، ومشروع «دبلومة الشباب العاملين بالمجتمع المدني» وتهدف لتأهيل الشباب العاملين في مجال التنمية خاصة تنمية الشباب، إلى جانب مشروع «فن المناظرة للسيدات» ويهدف المشروع إلى تعليم الفتيات فن المناظرة من أجل عرض مشكلاتهم بمهارة.


مهمة تنمية الإنسان

World Bank Group President Jim Yong Kim Opening Press Conference

تعمل مؤسسة مصر الخير على برامج التكافل الاجتماعي والصحة والتعليم والبحث العملي

مؤسسة «مصر الخير» تأسست عام 2007، وهي مؤسسة تنموية خيرية تهدف إلى خلق مجتمع يقوم على التكافؤ الاجتماعي من خلال التنمية، وتعمل المؤسسة في مجالات الصحة والبحث العلمي والتعليم والتكافل الاجتماعي.

وفيما يخص الصحة تعمل المؤسسة على ثلاثة برامج وهم: الطب الاستباقي والذي يهدف إلى توعية المواطنين بكيفية الوقاية من الأمراض والعيش في بيئة صحية آمنة، وبرنامج الطب الوقائي ويقوم على تطوير برامج العدوى في المتشفيات الجامعية والعمل على خلو مصر من فيروس سي، إلى جانب البرنامج الأخير وهو برنامج الطب العلاجي ويقوم على ثلاثة مشاريع: القوافل الطبية، دعم المراكز التي تقدم خدمات طبية متميزة، والدعم المباشر لعلاج غير القادرين.

وفيما يخص البحث العلمي فتهدف المؤسسة إلى توظيف البحث العلمى والابتكار في تنمية المجتمع، ويتم ذلك من خلال دعم وتمويل مشروعات خاصة بمشاكل حرجة في المجتمع، تطوير منظومة البحث العلمي والابتكار، تعزيز ثقافة البحث العلمي والابتكار.

أما في مجال التعليم فتهدف المؤسسة إلى خلق منظومة تعليمية متطورة، وتسعى المؤسسة إلى تحقيق ذلك من خلال 4 برامج وهي: برنامج التعليم الأساسي، وبرنامج المنح الدراسية، والمجمعات التقنية الصحية والصناعية والتجارية.

بينما تهدف المؤسسة ببرنامج التكافل الاجتماعي إلى المساهمة في تنمية الأفراد، من خلال مجموعة من التدخلات التنموية التي تحمي الإنسان من الأثر السلبي للأمية والفقر، وتسعى لإتاحة فرص دخل للأسر الأقل حظًا ورفع مهارات كل أسرة.


تمكين الأجيال القادمة

تقوم المؤسسة على فكرة العمل التطوعي، حيث يقوم متطوعون من القطاع الخاص بتدريب الطلاب على برامج إنجاز مصر

تأسست مؤسسة «إنجاز» مصر عام 2003، هي مؤسسة مهتمة بتنمية الشباب اقتصاديًا من أجل تأهيلهم لسوق العمل، سواء لكي يصبحوا موظفين في أي من القطاعات العمل، أو من خلال كونهم رواد أعمال يقومون بإدارة أعمالهم الخاصة.

وتقوم المؤسسة على فكرة العمل التطوعي، حيث يقوم متطوعون من القطاع الخاص بتدريب الطلاب على برامج إنجاز مصر من أجل إعدادهم لسوق العمل، وذلك من أجل تحقيق الهدف العام للمؤسسة وهو تنمية الاقتصاد المصري، وتقوم المؤسسة بالأساس بالعمل مع المدارس في مراحل التعليم الأساسي والتعليم الفني والجامعات.

وتعمل المؤسسة على عدد من المبادرات، مثل مبادرة اتبنى مدرسة، والتي تتم بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، وتحاول المبادرة تقليل الفجوات التعليمية التي تصعب عملية تأهيل الطلاب للعمل، من خلال تقديم ورش العمل للطلاب والمعلمين من أجل تقليل تلك الفجوات، إلى جانب صيانة المنشآت التعليمية، بالإضافة لتقديم عدد من البرامج لتوعية أولياء الأمور من أجل دعم أبنائهم. وهناك مبادرة يوم ظل العمل، وتقوم على تنظيم برنامج توجيهي للطلاب في أماكن العمل التي لديهم رغبة في استكشافها، أو يتم تنظيم يومًا تدريبًا لهم هناك.


البيئة والتنمية

مؤسسة «معًا للتنمية والبيئة» تأسست عام 2006، وتعمل في صعيد مصر، وتعمل المؤسسة على تقديم الخدمات الاجتماعية للفئات الأقل حظًا من خلال نموذج تنموي متكامل لا يقتصر على خدمة واحدة مقدمة، وتتبني المؤسسة نموذج التنمية بالمشاركة من خلال مشاركة أهالي المناطق التي تعمل بها الجمعية في تنفيذ المشاريع التي يحتاجونها حتى يشعروا بملكيتهم لتلك المشاريع والحفاظ عليها.

وتعمل الجمعية حاليًا على عدد من المشاريع، مثل مشروع الحد من بطالة الشباب بالشراكة مع البنك الدولي، ويركز ذلك المشروع على شباب المدارس الفنية، وهناك مشروع تشغيل الشباب في التخلص الآمن من المخلفات الزراعية، ومشروع الصرف الصحي البيئي منخفض التكاليف، إلى جانب مشروع العقد الاجتماعي والذي يقوم على تقديم دراسة مجتمعية لتحديد الاحتياجات الأساسية للقرى الأكثر فقرًا.


تنمية السيدات

الجامعة الأمريكية بالقاهرة
الجامعة الأمريكية بالقاهرة

المؤسسة التنموية للسيدات المصريات للعمل الحر «أوتاد»، تأسست على يد مجموعة من سيدات الأعمال واللاتي يؤمنَّ بدور ومستقبل المرأة في مصر، وتقوم بذلك من خلال مجموعة من البرامج التطويرية والأنشطة التي تعتمد على التفاعل والتجربة الفردية، كما تحاول أوتاد إشراك جميع فئات المجتمع من رجال وشباب في مشاريعهم التنموية.

من البرامج التي تعمل عليها أوتاد، البرنامج التوجيهي «خطوات نحو المستقبل» ويقوم على توجيه وتدريب رواد الأعمال من أجل فهم طبيعة البدائل والخيارات المتاحة أمامهم في سوق العمل، وهناك برنامح ريادة الشباب للعمل الحر، وبرنامج «جلو المرأة» والذي يساعد النساء على استكشاف مناطق القوة بداخلهن مما يساعدهن في لعب دور إيجابي في المجتمع، بالإضافة إلى برنامج «أنامل مصرية» والذي يهدف إلى خلق جيل جديد من الحرفيين المهرة حتى يصبحوا أصحاب أعمال في مشاريعهم الخاصة.

لم تعد الدولة هي المسئول الوحيد عن تنمية الإنسان وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة عندما تغيب الدولة عن القيام بدورها في العديد من المواطن، بل أصبحت مسئولية تشاركية بين الدولة والمجتمع، فقامت مؤسسات المجتمع المدني التنموية بدرو كبير في تنمية العديد من القرى الأكثر فقرًا وتأهيل عدد كبير من الشباب لسوق العمل أو خلق فرص عمل خاصة بهم.