لعل مصطلح «الحداثة» من أكثر المصطلحات تداولًا في النقاشات الفكرية اليوم على مستوى العالم أجمع، وفي البلدان العربية تحديدًا. وإذا ما عُرف أن الحداثة قد تشكلت في عملية تاريخية معقدة وطويلة في الغرب الأوروبي منذ حوالي القرن السادس عشر، أصبح لسؤال «كيف دخلت الحداثة إلى البلدان العربية؟» موضع مهم. في هذا المقال سنحاول الوقوف على بعض ملامح دخول الحداثة إلى مصر تحديدًا.

بدايةً، هناك اتفاق بين معظم المؤرخين المدققين أن الحداثة تشكلت في مصر مع مشروع «محمد علي» باشا، ومن قبله الاحتلال الفرنسي ومن بعده الإنجليزي. لكن يبدو أن الحداثة تشكلت في مصر عبر عملية تاريخية طويلة، عبر شذرات وتفاريق قد تكون بدأت مع بدايات دخول العثمانيين إلى مصر، ثم تكثفت بشكل واضح مع عهود الاستعمار، حتى بلغت ذروتها مع مشروع «محمد علي» ومن تبعه من أسرته ومن خَـلَـفه. فمهما بلغت صدمات الاستعمار ثم صدمات مشروع «محمد علي» الاجتماعية التالية على الاستعمار فهي لا يمكنها أن تنشئ وضعًا جديدًا بالكلية دون وجود سوابق تاريخية وأرضية اجتماعية قد كانت مهدت لذلك. ومع أننا سنقف في هذا المقال على أحداث بعينها قد بدأت مع «محمد علي» تحديدًا، فإن ذلك لا يلغي ما قدمناه من أن لهذه الأحداث خلفيتها الطويلة والمعقدة، والتي قد نضطر إلى الوقوف على بعضٍ منها أحيانًا.


المشاريع الكبرى والسياسات الحديثة

إن الحداثة يمكن النظر إليها باعتبارات وزوايا نظر عدة، ومن ضمن تلك الزوايا: اقتران الحداثة، بوصفها منظومة سياسية واجتماعية، بآليات خاصة للحكم؛ تلك الآليات التي تجد أعظم تجلياتها فيما يُصطلح عليه بـ«الانضباط» Discipline. وقد بيَّـن «ميشيل فوكو» الكيفية التي توصلت من خلالها المجتمعات الغربية الحديثة إلى شكل الحكم الانضباطي، ومن ضمن ما ألمح إليه «فوكو» نوع معين من الآليات يُصطلح عليه بــ«السياسات الحيوية للسكان»؛ وهي مجموعة آليات تشرف على الجسد وتراقبه من خلال سلسلة من التدخلات في الميلاد والوفاة، ومستوى الصحة، وطول العمر. إلى جانب نوع آخر من الآليات وهي «الآليات التشريحية للجسد»؛ وهي آليات تعمل من أجل ضبط حركة الجسد البشري ودفعه للقيام بحركات معينة. والسياسات المشار إليها تعمل معًا لخدمة أهداف اقتصادية معينة في الأخير[1].

بالطبع لا يمكن القول إن مثل تلك السياسات بحذافيرها وجدت طريقها في مشروع «محمد علي»، ولكن لاقترانها بنظم الإدارة الحديثة، ولتداخلها في هيكل الدولة الحديثة، فإن تلك السياسات وجدت بعض الأصداء لها في مشروعه. وللكشف عن ذلك نستعرض بعض المشاريع الكبرى لـ«محمد علي».

أولاً، يُعد مشروع «إصلاحات ترعة الأشرفية» المُسمى بـــ«مشروع قناة المحمودية» (1817م.) من أهم لحظات تاريخ مصر الحديث. فقد بدأ العثمانيون منذ القرن الثامن عشر سياسةً في التعامل مع الفلاحين المصريين؛ وهي: إسناد الفلاحين المجاورين للأرض كل المشاريع البنائية ومهمات الري ومتابعة الأرض، وفي المقابل تتحصل الإمبراطورية منهم على ضرائب، بينما يأخذ الفلاحون ما يتبقى. وقد تضمنت هذه السياسة الإدارية أحيانًا، في منتصف القرن الثامن عشر، إدراج لوائح بأسماء المشاركين في المشاريع المختلفة ومحاولة إنشاء بيانات حولهم.

ولكن مع مشروع «محمد علي»، ومع توسع المشاريع المصرية، بدأت هذه السياسات تأخذ منحى جديدًا، وهو: التعامل مع الفلاحين لخدمة مشروع معين. فوقع انفصال بين الفلاح المصري وبين أرضه، وأصبح الراتب جزءًا من تعامله مع المكان. كذلك بدأت الدولة تنظر إلى «الأنفار» باعتبارهم فئة لا وجه لها؛ فهي لا تنظر إلى فلاح بعينه يقطن منقطة بعينها، وإنما تنظر إلى عدد في لائحة يُستخدم لخدمة غرض معين؛ وهو إنشاء «مصر المستقلة»[2]. وهذه النظرة معدومة الوجه للفلاحين هي بداية تحويل المصري إلى جزء من «سكان مصر» الذين يدور حولهم التعداد والتدخلات المختلفة.

وقد بدأ «محمد علي» وجهاز الدولة الحديثة الخاص به في التقديم للمشروع بعدة مراسلات طويلة تؤكد أن مشروع القناة هو «مشروع مصري» منذ القدم، وأن هذا المشروع قد أخفق الجميع في تحقيقه وآن الأوان أن يتم خدمةً لمصر كلها، ولمصر فقط. وقد جُمع لهذه الإصلاحات ما يُقارب 8% من «سكان مصر» وقتها، وانتهت في الأخير بأن مات ما يزيد على الثلثين أثناء الإصلاحات. وقد عاود هذا المنطق ظهوره في إصلاح آخر، وهو قناة المحمودية في 1819[3]، ثم أصبح هو المنطق السائد في مصر لإنشاء المشاريع الكبرى: كقناة السويس وغيرها.

إن مشروعًا كهذا يكشف عن عدة أمور: فأولًا، هناك بداية إيجاد سردية مصرية خالصة يكون اللاعب الرئيسي فيها هو «المصريون سكان هذا الإقليم»، ويكون لهم فيها هدف واحد يمتد من الماضي وإلى المستقبل. وعلى الرغم من أن هذه السردية موجودة من عهود الاستعمار، ولها بعض الشذرات في عهود قبله، فإننا نجدها الآن توضع حيز التنفيذ في خضم مشروع ضخم أثر على حياة معظم المصريين آنذاك.

ثانيًا، هذا المشروع هو نقطة تكثيف برزت فيها سياسات التعداد بشكل صارخ؛ وهو ما مهد لإدخال تلك السياسات في الجسد المصري حتى أصبحت جزءًا عاديًا. وحتى إن اختلفت تلك السياسات عن الأهداف التي تحدث عنها «فوكو»، بحكم السياق، فيبقى أن هذه السياسات مكَّـنت من تحويل الإنسان إلى رقم في لائحة أو دفتر؛ وهو الأمر الذي فتح الباب أمام تقبل فكرة موت هؤلاء الأفراد دون استشعار أسى أو حرج من قبل الدولة المصرية الحديثة. كذلك، يكشف هذا المشروع وغيره عن مدى السلطة التي تمتع بها «محمد علي»، والتي أنشأت حالة من السخرة الشديدة والاستبداد ملأ الوجدان المصري وشغله حتى انقاد إليه.


العلماء تحت طائلة الدولة

وبُعدٌ آخر لإدخال الآليات الانضباطية هو تعديلات نظام التعليم المصري بتحويله إلى نظام مدرسي نظامي. فقبل «إصلاحات محمد علي» وخلفائه التعليمية، كان نظام التعليم في الجامع الأزهر بمصر، وفقًا لــ«تيموثي ميتشل»، مرسومًا وفقَ نظرة إسلامية معينة. تلك النظرة قسمت العملية التعليمية إلى نظام «دائري» خالٍ من آليات الانضباط الحديثة؛ فيبدأ المتعلم يومه بتلاوة القرآن وتحفظه، ثم دراسة الحديث والتفاسير، ثم الفقه، ثم يختم يومه بالأدعية. وبتكرار تلك العملية والانغماس فيها تتبدى أمام المتعلم أشياء جديدة عليه كل يوم، وهكذا حتى يصير عالمًا حافظًا للقرآن والحديث والفقه، وقادرًا على الإفتاء والمجادلة. وفي هذا النظام الدائري لا يوجد، وفقًا لـ«مـيتشل»، آليات مراقبة صارمة أو عقاب موحد، بل العقاب يكون وفقًا لما يقترفه المتعلم، والمراقبة ليست هوسًا لدى المعلم[4].

أما مع مشروع «محمد علي»، فقد تطلب نظامه البيروقراطي الجديد رفع نسب التعليم إلى مستوى معين يسمح للموظفين بأن يقوموا بالمهام المسندة إليهم؛ فبدأ إدخال نظام التعليم النظامي[5]. هذا النظام الجديد، والذي بلغ ذروته عام 1872م، قسَّم اليوم الدراسي إلى مواقيت بعينها، وأسند مجموعة من الطلاب إلى مدرس بعينه، كما حدد عقابًا معينًا لكل فعل؛ فقد صار التعليم مؤسساتيًا هنا. وبذلك حصل انفصال بين نظام التعليم الأزهري المعتاد، وبين النظام الحديث.

ويتضح ذلك مع «إصلاحات» عام 1895م. والتي أنشأت «مجلس إدارة الأزهر» المكون من شيخ الأزهر الرسمي، وممثلين عن المذاهب الفقهية الأربعة، إلى جانب ممثليْن عن الحكومة. وقد تحولت المدارس في محافظات مصرية عدة لتكون تحت إشراف هذا المجلس. وتبع ذلك إنشاء «المجلس الأعلى» عام 1908م، ثم «هيئة كبار العلماء» في 1911م. والتي تشرف على الأسئلة العقدية والسياسية. في هذه الإصلاحات تحول شيخ الأزهر إلى شيخ علماء مصر، وتحولت المدارس الأزهرية إلى مدارس نظامية تتدخل فيها الدولة؛ فأصبح الآن الأزهر جزءًا من أجهزة الدولة[6].

وبما أن علماء وطلاب الأزهر كانوا يشكلون جسرًا مباشرًا بين العامة والحاكم، فقد بدأ مكانهم ينحسر بقوة مع تلك السياسات، إلى جانب سياسات «محمد علي» لإقصاء العلماء أصلًا منذ عام 1808م عن طريق مصادرة أملاكهم بغية إحاكم سيطرته على الدولة ككل [7]. مما سمح بظهور «الطرق الصوفية» كحيز آخر يمكن للمرء فيه أن يعمل دون مراقبة من الدولة، ويمكنه داخلها أن يستغلها للحصول على قدر من التعليم بعيدًا عن جهاز الدولة. هذا ما دفع «محمد علي» نحو إدخال تلك الطرق هي الأخرى داخل جهاز دولته عبر تعيين شيخ رسمي للطرق عام 1812م؛ وهو الشيخ «البكري» [8].

وفقَ المشروعات الكبرى التي بدأت بالمحمودية، مرورًا بالسياسات الحديثة التي مثلنا لها بالتعداد ومحاولات إدخال الانضباط إلى هياكل رئيسة؛ كالمدارس والعلماء والطرق الصوفية، تسلل للوعي المصري إمكانية وجود «أمة مصرية» لها سمات خاصة وفريدة عبر التاريخ، وأن لهذه الأمة إدارة مركزية تكشف كل خبايها، وأن «المجتمع» يجب أن يتبع إشرافها؛ وهي من السمات السياسية للحداثة بامتياز.


مصر ودخول التكنولوجيا

لا يمكن الحديث عن الحداثة وكيفية ظهورها في المجتمعات دون ذكر لدور التكنولوجيا الحديثة. فتلك التكنولوجيا ليست بريئة من الافتراضات ولا الأهداف؛ وإنما هي تحمل مجموعة افتراضات حداثية[9]. فهذه التكنولوجيا قد أنتجت شيئين: زمان، ومتخيل اجتماعي. فأما الزمان، فإنها تخلق زمانًا خطيًّا وصناعيًّا وأجوفَ؛ خطياً: إذ إنها تعمل على إيجاد تصور عن زمن على شكل خط مقسم لماضٍ وحاضر ومستقبل، وأن التحرك نحو المستقبل هو الغاية. وصناعيًّا: لأنها ترفض إيجاد «وقت فراغ» لأن الوقت يجب دومًا أن يُستغل من أجل المصالح الاقتصادية. وزمانًا أجوفَ بمعنى أنها تسعى لإيجاد زمان دنيوي بحت، لا مكان فيه للمقدس أو الإلهي[10].

وأما المتخيل الاجتماعي، فإن هذه التكنولوجيا تعمل على إيجاد شعور بالتواصل بين أفراد في أماكن عديدة مع إخفاء حاجزيْ الزمان والمكان[11]؛ فيمكن عبرها أن يتواصل إنسان مع آخر يبعد عنه آلاف الكيلومترات في اللحظة نفسها. وهذه الافتراضات هي الافتراضات التي تنبي عليها الأمة الحديثة من جهة، والتصورات الحديثة بشكل عام من جهة أخرى.

إن أهم تلك المخترعات التكنولوجية دخولًا إلى مصر هي: الطباعة، والقطارات. فأما الطباعة، فقد أتت أول مطبعة إلى مصر مع الحملة الفرنسية، ثم تبنتها دولة «محمد علي»، وأصدرت منها منشوراتها حتى عام 1850م؛ إذ في ذلك العام بدأت المطبوعات تتبع السوق، مع إبقاء السيطرة عليها من قبل الدولة. بمعنى أن المطابع بدأت تنشر، مثلًا، كتبًا إسلامية معينة كانت مجرد مخطوطات باهظة الثمن، مما دفع الكثيرين للإعراض عن شراء المخطوطات مقابل تلك الكتب الأرخص. الأمر الذي خلق، وفقًا لــ«رينهارت شولتسه»[12]، «جمهورًا جديدًا» يرى الإسلام على أنه «ثقافة» لها منتجاتها التي تُباع وتشترى وتتبع الأذواق[13].

كذلك، أدت الطباعة إلى الإطاحة بسلطة العلماء على «الكلمة؛ النصوص الإسلامية» وجعلها تحت سلطان الدولة، التي سريعًا ما تخلصت من العلماء لتصبح هذه «الكلمة» مشاعًا[14]. هنا، لا نقصد بأن العلماء كانوا منفردين بالتعامل مع النصوص الإسلامية، لكن كان هناك معايير للتعامل مع تلك النصوص سقطت الآن وأصبح للكل قول في النصوص دون رقيب. ومع كل ذلك، نشأ شعور بأن الفرد «حر ومستقل»، ويمكنه فهم النص دون أي وسائط ولا معايير. الأمر الذي ساعد في تمرير افتراضات حداثية أخرى لن تظهر بوضوح إلى في سنين قادمة على تلك الفترة.

بالإضافة إلى أن انتشار الطباعة خلق شعورًا في الوسط المصري بأن هناك أمرًا ما يجمع المصريين؛ فحين يقرأ المرء صحيفة يومية يتخيل أن هناك كثيرًا من «المصريين» يقومون بنفس فعل القراءة في الوقت نفسه ويشعرون بمشاعر مقاربة لمشاعره. وهذا الشعور عزز سردية «مصر كأمة مستقلة» لها كيانها الخاص. كذلك خلقت الطباعة إمكانية لإيجاد فتوى مطبوعة تُنشر ويقرؤها الكل؛ الأمر الذي استدعى أن تكون هذه الفتوى متماشية مع هذا الكل دون اعتبار للسياق، وهو ما جعل في الأخير مفهوم «الأمة الإسلامية» يتحول كي يكون مفهومًا مشابهًا لمفهوم «الأمة الحديثة»[15].

وأما عن القطارات، فبوصول «الخديو إسماعيل» للحكم (1863م.)، عُـــــيِّــنَ «علي مبارك» مسئولًا عن السكك الحديدية؛ الأمر الذي أدى إلى بداية تطبيق نظام عام لسكك الحديد المصرية يخضع لمواقيت محددة عام 1870م، وطُبِعت هذه الجداول وفقًا لتقسيم جديد لليوم لم تعرفه مصر من قبل؛ وهو التقسيم «الإفرنجي». فاليوم المصري لم يعرف تقسيمًا محدد المواقيت سلفًا، بخلاف اليوم «الإفرنجي» الذي يُقسم اليوم لأربع وعشرين ساعة تبدأ بانتصاف الليل. ولكن، نظرًا لعدة مشاكل تقنية، فقد عانت السكك الحديدية من «بطء» ملحوظ[16].

ولكن، مقارنةً بماذا أصبحت السكك الحديدية المصرية أبطأ؟ الجواب هو: الإمبراطورية البريطانية. ولهذه الرؤية أصولها التي ترجع إلى أن الإمبراطورية البريطانية لجأت لعدة محاولات تهدف لتوحيد المواقيت في كل أنحاء مستعمراتها خاصة الهند، ولما كانت مصر معبرًا للمستعمرات البريطانية، فكانت هناك محاولات فعالة لاعتماد مواقيت الإمبراطورية، وبإدخال نظام «اليوم الإفرنجي» ومع بروز الغرب كقوة عظمى، أصبح من الممكن مقارنة الزمن المصري بنظيره الغربي؛ ولما كان الغرب متقدمًا تكنولوجيًّا، فأصبح الزمن في مصر يسير ببطء مقارنة به[17].

ولما كانت مصر بها مظاهر للمقدس؛ وهي «مزارات الأولياء» التي يقصدها المسلمون، و«الأديرة» التي يقصدها المسيحيون، والموالد بشكل عام، ولما بات المصريون يستخدمون القطارات للوصول إلى تلك المزارات، أصبح هناك معضلة: فكيف الجمع بين التصورات الحداثية عن الزمن الأجوف الصناعي، وبين زيارات تلك الأماكن؟ ويبرز هذا بشدة مع كتابات «علي مبارك»[18]، و«أحمد فتحي زغلول» و«محمد عمر»[19]؛ تلك الكتابات التي سعت من جهة لعزل طابع القداسة عن «اليوم المصري» وعن تلك الزيارات، ومن أخرى إلى المطالبة بسياسات تضبط هذه الزيارات وتقننها.

إن هذه البيئة التكنولوجية وافتراضاتها عند جمعها مع السياسات والمشاريع الكبرى التي اتبعها «محمد علي» خلفًا للاستعمار يمكنها أن تعطي صورة عامة عن المناخ الذي دخلت فيه الحداثة إلى مصر. تلك الحداثة التي يمكن أن نقول عنها إنها مضطربة لأنها نبتت في بيئة غير بيئتها. وبالتالي، نشأ عنها كوارث كبرى لا يزال المصري يعاني منها حتى الآن. وبعد، فلنا أن نعيد النظر في «سؤال النهضة»؛ «لماذا تقدم الغرب وتأخرنا نحن المصريين؟» فهو سؤال تشبع بكل منطلقات الحداثة الزمنية، ووضع الغرب معيارًا يجب أن نتجه نحوه، دون أخذ التجربة المصرية والإسلامية السابقة على تلك المنطلقات بعين الاعتبار.

المراجع
  1. Michel Foucault, «History of Sexuality: volume 1», trans. Robert Hurley, (New York: Pantheon Books, 1978), p. 133 onward. Also: Foucault, «Discipline and Punish: the birth of prison», trans. Alan Sheridan, (New York: Vintage Books, 1991), p.135 onward
  2. Alan Mikhail, «Nature and Empire in Ottoman Egypt», (USA: Cambridge University Press, 2011), pp: 178-200, 253-263
  3. Ibid., pp: 258, 275-296
  4. Timothy Mitchell,«Colonising Egypt», (Cambridge: Cambridge University Press, 1988), pp: 83-84
  5. Fritz Steppat, «National Education in Egypt before the British Occupation», in: «Beginnings of Modernization in the Middle East», ed. P. & Chambers, (Chicago: Chicago University Press, 1968), pp: 281, 296
  6. Jakob Skovgaard-Peterson, «Defining Islam for the Egyptian State», (The Netherlands: Brill, 1997), pp: 46-49
  7. Ibid., pp: 40-42
  8. Ibid., p.43
  9. لا يُقصد هنا بأن التكنولوجيا يجب أن تخلق تلك الافتراضات، ولكن واقع تطبيقها في مصر قد أنتج تلك الافتراضات كما سيوضح المقال ومصادره المُعتمد عليها.
  10. Giorgio Agamben, «Infancy and History», Trans. Liz Heron, (London: Verso, 1991), p.91. also: E.P. Thompson, «Time, Work-Discipline, and Industrial Capitalism», Past and Present 38 (December, 1987)
  11. بندكت آندرسون، «الجماعات المتخيلة»، ترجمة ثائر ديب، (بيروت: شركة قدمس للنشر والتوزيع، 2009)، صـصـ: 64
  12. Reinhard Shulze, «Mass culture and Islamic culture production in the 19th century Middle East», in: «Mass Culture, Popular Culture, and Social Life», ed. Sauth and Zubaida, (Frankfurt: Campus Verlag, 1987), pp: 189-200, 204
  13. Skovgaard-Peterson, «Defining Islam», pp.51-52
  14. Ibid.
  15. Ibid., pp: 98-99
  16. On Barak, «On Time: Technology and Temporality in Modern Egypt», (California, University of California Press, 2013), pp: 79-82
  17. Ibid., pp: 58-62
  18. علي مبارك، «الخطط التوفيقية الجديدة: لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة»، (مصر، المطبعة الكبرى الأميرية، سنة 1306 للهجرة، الطبعة الأولى) المجلد الأول
  19. محمد عمر، «حاضر المصريين أو سر تأخرهم»، (مصر: مطبعة المقتطف بمصر، طبعة 1902)، صـ: 223، 255-274