قبل أسبوعين نُشر مقال في صحيفة «الجارديان» البريطانية للكاتبة «مارينا هايد»، تحت عنوان «أمثال مارك زوكربيرج يحكم بالفعل وسائل الإعلام… الآن يريدون فرض رقابة على الماضي». ذكرت فيه أن إعجاب البشرية بفئة المخترعين أمثال زوكربيرج، دفعهم إلى السعي للتمتع بالسلطة وفرضها متى وكيف يروق لهم.

واستشهدت بحالتين، الأولى: إغلاق عضو مجلس إدارة فيس بوك «بيتر ثيل» لشركة إعلامية كبيرة بطريقة سرية لأنها لم ترق له. الثانية: قيام مارك زوكربيرج، بحذف مقالة تخص تاريخ حرب فيتنام، وكذلك صورة شهيرة للمصور «نيك أوت»، ظهرت فيها طفلة فيتنامية شوهتها الحروق، مجردة من ملابسها، تركض هاربة وهي تصرخ مع مجموعة من الأطفال من هجوم بقنابل النابالم.


وعلى المنوال ذاته تعرضت صفحات الفيس بوك الفلسطينية لهجمة شرسة من جانب إدارة الموقع يوم الجمعة 24 سبتمبر/أيلول 2016م، حيث قامت بحذف عدد من المنشورات والحسابات الشخصية، وعلّقت عمل عدد آخر منها بناءً على طلب الجهات الإسرائيلية، حيث استجابت لأكثر من 95% من هذه الطلبات، وفق تصريحات وزيرة العدل الإسرائيلية «ايليت شاكيد».

وتواترت التقارير على ذكر اتفاق عقدته إدارة موقع فيس بوك في شهر سبتمبر/أيلول الحالي، مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية يقضي بمراقبة المحتوى الفلسطيني على الصفحات والحسابات الشخصية بالموقع، وحذف كل ما يزعج السلطات الإسرائيلية من منشورات وصفحات وحسابات، ليطارد الاحتلال الفلسطينيين على أرضهم وفي الفضاء الإلكتروني.


وقد تم حذف وتعليق عمل ١٥ حساب لمديرين ومحررين في أربع صفحات فلسطينية كبرى، وهي: وكالة شهاب للأنباء، وشبكة قدس الإخبارية، ورام الله نيوز، و٤٨ الإخبارية. إلى جانب إغلاق صفحات فلسطينية كبرى، وصل عدد متابعيها إلى مئات الألوف، بل وملايين، ومن أبرز تلك الصفحات:

1. شبكة فلسطين للحوار

هي صفحة إخبارية فلسطينية نشطة، تُعرّف نفسها بأنها «منبر حر يعتمد الحوار الموضوعي سبيلاً لمعالجة جوانب القضية الفلسطينية»، وكذلك تدّعي أنها تحاول خدمة القضية الفلسطينية ودعم الجانب الإعلامي لها في فضاء الإنترنت.

وهي تابعة لموقع فلسطين. نت، وكانت تحوي ما يقارب 145 ألف إعجاب. ويُذكر أن هذه هي ثاني صفحة للشبكة يقوم موقع الفيس بوك بحذفها، حيث حذف في وقت سابق صفحتها الرئيسية، وبعد حجب وتضييق على صفحتها الاحتياطية، قام بحذفها بشكل نهائي.

وتمتلك الشبكة الآن صفحة احتياطية أخرى نشطة، تحوي ما يقارب 38 ألف إعجاب.

شبكة فلسطين للحوار
2. غزة الآن

هي صفحة إخبارية فلسطينية نشطة وهامة، وتُعرّف نفسها على أنها «منصة إعلامية مهتمة بالشأن الفلسطيني والعربي، تعمل على إنتاج محتوى سياسي، ترفيهي، تكنولوجي مميز، شعارها: إعلام الجمهور».

وهي تابعة لموقع غزة الآن، وتعتبر هذه الصفحة هي ثاني صفحة يحذفها موقع الفيس بوك للموقع؛ الأولى كانت تحوي ما يقارب مليون إعجاب، والثانية حوت حوالي 650 إعجاب.

ويمتلك الموقع صفحة احتياطية أخرى نشطة، تحوي حوالي 36 ألف إعجاب.

غزة الآن
3. مش هيك

هي صفحة سياسية فلسطينية ساخرة، تهتم بالوضع السياسي الفلسطيني والعربي تحت شعار «مش هيك»، وتُعرف نفسها على أنها «صفحة فلسطينية ساخرة، بدنا نسخر من كل شيء وبدنا نبهدل الجميع بدون خطوط حمراء وبدنا نلعن سلسفيل أي واحد مش مظبوط بالبلد».

وتعتبر هذه الصفحة المحذوفة هي الثانية لها، وذلك بعد أن بلغت الأخيرة حوالي 200 ألف إعجاب.

وقد تم تدشين صفحة جديدة بديلة بلغت حوالي 35 ألف إعجاب حتى الآن.

مش هيك
4. موقع كيفك

هو هي صفحة تابعة لموقع فلسطيني ترفيهي إخباري شامل، يسعى إلى تقديم مواد وزوايا متنوعة وجذابة ومفيدة وتعليمية ومسلية لجميع أفراد العائلة. ويدعي أنه «أكبر شبكة ترفيهية إخبارية على الإنترنت».

تم حذف صفحته الرئيسية على موقع الفيس بوك بعد أن بلغت 500 ألف إعجاب. ويمتلك حالياًصفحة بديلة على الموقع نفسه تحوي حوالي 348 ألف إعجاب.

موقع كيفك
موقع كيفك

ورغم أن هذه الحملة التي شنها موقع فيس بوك ضد الصفحات الفلسطينية لم تكن الأولى، بل السابعة منذ انطلاق انتفاضة القدس في أكتوبر/تشرين الأول 2015م، إلا أنها كانت الأكبر.

وهو ما رافقه رد فعل قوي من جانب وسائل الإعلام العربية والفلسطينية، وكذلك المدونين العرب والفلسطينيين. حيث أطلق نشطاء حملة #FBCensorsPalestine ، تدعوا للانضمام والمشاركة في إيقاف النشر والتفاعل على صفحات وحسابات الفيس بوك، يوم الأحد الموافق 25 سبتمبر/أيلول من الساعة الثامنة مساءً وحتى العاشرة، وأفادت الحملة أنه سيتم الإعلان لاحقاً عن خطوات تصعيدية للتأكيد على رفض الاتفاق الأخير بين سلطات الاحتلال وإدارة فيس بوك، مطالبةً بالتراجع عنه فوراً، احتراماً للمواثيق والاتفاقيات والمعايير الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير.


وعلى صعيد آخر، استنكرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين الإجراءات التي اتخذتها إدارة موقع فيس بوك، ووصف بيان صحفي صادر عن لجنة الحريات التابعة للنقابة الإجراء بأنه انتهاك واضح لحرية التعبير، وخضوع وتواطؤ مفضوح مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي القمعية بحق الشعب الفلسطيني بشكل عام وبحق الصحفيين الفلسطينيين بشكل خاص.

وأضاف البيان أن نقابة الصحفيين تتابع تداعيات هذه الإجراءات ولن تكتفي بالاستنكار والشجب لهذا الفعل بل إنها ستراسل الاتحادات الدولية والإقليمية، وكذلك الوزارات الفلسطينية ذات العلاقة. واختتم البيان بضرورة تراجع إدارة الموقع عن إجراءاتها، وطالبها بوقف الخضوع لأوامر الاحتلال في انتهاك الحريات.


وفي أولى ردود فعل إدارة الموقع على هذه الحملة العربية، قال متحدث باسم إدارة الموقع في تصريحٍ لموقع «الانتفاضة الإلكترونية»: «إن فيس بوك وصف حذف مدراء صفحتي قدس الإخبارية، وشهاب، بالخطأ الذي تم تصحيحه عقب إجراء تحقيقات حول الموضوع». مضيفاً: «لدينا فريق يتعامل مع ملايين التقارير والبلاغات أسبوعياً، وأحياناً نخطئ، نعبر عن أسفنا الشديد حيال هذا الخطأ».

ومازالت هذه القضية صاحبة التفاعل الأكبر حالياً على شبكات التواصل الاجتماعي العربية والفلسطينية.