رغم المقولات التاريخية عن وحدة شعبي مصر والسودان، إلا أن العلاقة ما بين الشعبين لا تخلو من التوترات بين الحين والآخر، وهي التوترات التي انعكست على العلاقة بين الشعبين حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحات حرب كلامية بين الطرفين.


عقوبات مجلس الأمن

آخر الأزمات بين مصر والسودان جاءت مع هاشتاج #اطردوا_السفير_المصري الذي تصدر وسائل التواصل الاجتماعي في السودان، وتسببت فيه شائعة مفادها مطالبة مصر بتمديد العقوبات على السودان لمدة عام جديد، وهو القرار الذي اعتمده مجلس الأمن في 8 فبراير /شباط الماضي، ورغم مرور شهرين على القرار إلا أن وكالة الأنباء السودانية الرسمية نقلت عن وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، قوله إن:

السودان طلب رسميًا من مصر تفسيرًا للأمر الذي شذّ عن كل مواقف مصر السابقة طوال السنوات الماضية، حيث كان موقفها دائمًا الأكثر دعمًا للسودان في مجلس الأمن.

ما قاله وزير الخارجية السوداني نفته مصر، في بيان للمتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، أن «اجتماعات لجان العقوبات الخاصة بالأوضاع في دارفور تقتصر على أعضاء مجلس الأمن فقط، ولم تناقش من قريب أو بعيد في اجتماعاتها الأخيرة مسألة تمديد العقوبات على السودان».

وكان مجلس الأمن قد أقر عمل لجنة العقوبات، المؤلفة من خبراء تابعين للأمم المتحدة، بالقرار رقم 1591 لعام 2005، ومنذ ذلك العام يمدد عملها دوريًا. وتتعلق هذه العقوبات بحظر بيع الأسلحة للسودان.

وتابع أبو زيد: «كان من الأحرى أن يستقي الأشقاء السودانيون معلوماتهم بشأن المواقف المصرية من بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة مباشرة، خاصة وأن التنسيق بين البعثتين المصرية والسودانية قائم».

وأوضح أبو زيد أن سفارة مصر بالخرطوم أوضحت للأخوة السودانيين بما لا يدع مجالاً للشك أن مصر تتبنى المواقف الداعمة لمصلحة الشعب السوداني.

إلا أن النفي الرسمي لم يوقف التلاسن بين الشعبي والإعلامي بين البلدين، مما يؤكد أن الازمة لا تتعلق بالقرار.


أهرامات السودان والجبنة النستو

أحد أهم أسباب التراشق بين الشعب المصري والسوداني هو زيارة الشيخة موزة زوجة أمير قطر السابق حمد بن خليفة، ووالدة أمير قطر الحالي تميم بن حمد، لأهرامات السودان الواقعة بمنطقة مروي في أواخر مارس / آذار، وهي الزيارة التي نالت تغطية إعلامية كبيرة، خاصة مع تدوين والدة أمير قطر عبارة «السودان أم الدنيا» في سجل الزيارات للأهرامات، وهي العبارة التي لاقت استهجانًا شديدًا من المصريين.

وعقب الزيارة قام الإعلامي المصري محمد الغيطي بشن حملة على السودان قائلاً بأن «حديث الإعلام السوداني عن الأهرامات السودانية ووصفها بأنها أعرق من نظيرتها المصرية كلام فارغ لا يستحق الرد عليه»، وسخر من شكلها قائلاً «إن الأهرامات السودانية شبه الجبنة النستو».

من جانبه قال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية، أحمد بلال عثمان، «إن السودانيين حكموا مصر، معتبرًا أن فرعون موسى كان أحد الفراعنة السودانيين الذين حكموا مصر».

وقال عثمان «إن مصر بها نهر واحد، بينما السودان بها عدة أنهار، هذا دليل واحد من عدة أدلة علمية وأثرية سنقدمها فى القريب العاجل، حيث يعمل عدد من أساتذة التاريخ السودانيين الآن على تنقيح الكتب التاريخية من الأخطاء التي وردت فيها، لتثبت أن الأهرامات السودانية أقدم من المصرية».

ما قاله عثمان رد عليه الإعلامي المصري عزمي مجاهد في برنامجه «الملف» على فضائية العاصمة قائلاً «إن الفرعون المصري أصله قطري وليس سودانيًا» واصفًا زيارة موزة لأهرامات السودان بأنها «كيد نسا».

فيما دخل الإعلامي المصري أحمد موسي على الخط قائلاً «ادعاء الصحافة السودانية بأن الحضارة المصرية أصلها سوداني، وأن السودان حضارته أقدم من مصر بألفي عام تلفيق للحقائق، فالعالم كله يعرف من هي أقدم حضارات الكون».

ردود الإعلام المصري أغضبت السودان، فنقلت صحيفة الانتباهة السودانية عن وزير الإعلام قوله «إن كل زول يريد أن يكتب دفاعًا عن السودان فواجب عليه أن يكتب»، وعنونت التصريح بأن الحكومة السودانية تعطي الضوء الأخضر للإعلام للرد على مصر، وهو ما وصفته صحيفة الوطن المصرية بأنه «جر شكل».


التأشيرات السودانية للمصريين

مصرى يتهم السعودية وقطر لضرب مصر عن طريق السودانسد النهضة مؤامرة ضد مصرالمطالبة بحلايب مؤامرة ضد مصرمنع المنتجات المصرية مؤامرة ضد مصرانشاء المشاريع الزراعية مؤامرة ضد مصرزيارة الشيخة موزا مؤامرة ضد مصرمناورات الدرع الازرق مؤامرة ضد مصرعلاقة السودان مع جيرانة مؤامرة ضد مصرهطول امطار فى البطانة مؤامرة ضد مصرفتح محل تمباك فى السجانة مؤامرة ضد مصر

Gepostet von ‎ودساب‎ am Dienstag, 11. April 2017

ويبدو أن الأزمات الشعبية بين البلدين مستمرة، فلم يمر على أزمة أهرامات السودان سوى أسبوعين، حيث أطلت أزمة فرض السودان تأشيرة دخول على المصريين من سن 18 إلى 50 عامًا، وهو القرار الذى قوبل بعاصفة من الشتائم المتبادلة بين المصريين والسودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأثارت أزمة التأشيرات استياءً مصريًا، رغم أنه يأتي في إطار المعاملة بالمثل، فرغم توقيع مصر اتفاقية الحريات الأربعة مع السودان في 2004، إلا أن مصر لم تنفذ الجانب الخاص بفرض تأشيرة دخول على السودانيين من سن 18 – 40 عامًا، كما أكدت السودان على أن القرار جاء بناء على تشاورات بين الجانبين.

القرار رغم أنه لم يتسبب في أزمة رسمية إلا أن حالة التلاسن بين الشعبين لم تتوقف، فاتهم السودانيون المصريين بأنهم لصوص وأنهم يعيشون في الماضي، ويتعالون دون حاضر، وأن مصر تحارب من أجل عدم نهضة السودان، بينما قال المصريون إن مصر بها 10 مليون لاجئ سوداني يقيمون بالشحاذة داخل مصر، وأن الشعب السوداني شعب كسول، وطالب مغردون مصريون بطرد اللاجئين السودانيين.

وتعد صفحة «ودساب»، والتي يزيد عدد المعجبين بها عن ربع مليون، إحدى الصفحات السودانية التي تركز نشاطها على مهاجمة مصر، حيث سخرت من متصل مصري في أحد البرامج التليفزيونية يتهم السعودية وقطر والسودان بالتآمر ضد مصر.

وعلى هاشتاج #مصر_بتشتم الذي دشنه السودانيون عقب أزمة التأشيرات، جمع ناشط سوداني أبرز الشتائم المصرية للسودانيين والتي كان منها وصفهم بالشحاذة أو بالعبودية.


حلايب وشلاتين والتقارب الخليجي والإخوان: من السبب؟

كل الأزمات السابقة لا تخرج عن كونها مجرد مظاهر للأزمة الحقيقية، فالعلاقات على المستوى الرسمي متوترة، ويبرز اسم «حلايب وشلاتين» فيه بقوة، فبعد توقيع مصر اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، طالب الرئيس السوداني عمر البشير بمنطقتي «حلايب وشلاتين» وهدد باللجوء للتحكيم الدولي، وهو ما ردت عليه مصر بأن لديها وثائق تثبت أحقية مصر بالمنطقتين.

وعقب حكم القضاء المستعجل بإسقاط حكم مصرية تيران وصنافير، عاد الحديث عن «حلايب وشلاتين» مرة أخرى بعد ما نشره موقع «السودان تريبون» عن شكوى وزير الدفاع السوداني في إحدى الجلسات المغلقة للبرلمان السوداني، قال فيها إن الجيش المصري يمارس استفزازًا ضد القوات السودانية في حلايب وشلاتين، وأن الجيش السوداني يمارس ضبط النفس».

وبعد يوم واحد من هذا التصريح، نقل التليفزيون المصري خطبة الجمعة من منطقة «حلايب وشلاتين» للتأكيد على مصريتها طبقًا لتصريحات وزارة الاوقاف.

بالإضافة إلى تلك الازمة، فإن الدعم غير المعلن رسميًا من اوغندا ومصر لدعم جنوب السودان ونظام «سلفا كير» والذي تناولته صحف سودانية وقالت عنه إنه تحالف بين جوبا والقاهرة وكمبالا لضرب أديس أبابا والخرطوم، يغضب بشدة نظام البشير.

وإذا كانت أزمة «حلايب وشلاتين» هي ما تغضب الجانب السوداني، فإن الاستثمارات الخليجية في السودان هي ما يغضب مصر، حيث عملت السودان على استقطاب المستثمرين الخليجيين، ونجحت بالفعل في رفع نسبة الاستثمارات الخليجية لديها، فعلى سبيل المثال زادت الاستثمارات السعودية الزراعية من 7% في عام 2013 إلى 50% في عام 2015، وهو ما يقلق مصر نظرًا لتأثير ذلك على حصتها من المياه.

سبب آخر يغضب الجانب المصري؛ وهو استضافة السودان لعدد من عناصر جماعة الإخوان الهاربين من القاهرة، استغلالاً لاتفاقية الحريات الأربعة التي كانت تسمح لأي مصري بدخول السودان دون تأشيرة، وقد تجاهلت السودان الهاربين إليها لأنهم لم يحاولوا ممارسة نشاط سياسي، بالإضافة إلى استضافة مصر لنشطاء معارضين للخرطوم، وهو السبب الذي جعل النظام السوداني يرفض تسليم الهاربين للقاهرة بمبدأ المعاملة بالمثل، وهو ما أعاد الاتهامات التي وجهها الإعلام للرئيس السوداني بدعم نظام الإخوان.

ويمكن القول بأن الازمة بين مصر والسودان ستستمر، سواء كان ذلك للأسباب الحقيقية أو لأسباب أخرى، إلا أن الازمة الحقيقية تكمن في أن التوتر في العلاقات ليس فقط على نطاق الحكومات وإنما على المستوى الشعبي وهو الجانب الأخطر من المسألة.

المراجع
  1. اتهامات متبادلة بين الخرطوم والقاهرة.. فهل دعمت مصر تمديد العقوبات على السودان؟
  2. سجال سوداني – مصري على وقع زيارة الشيخة موزة للخرطوم
  3. زيارة الشيخة موزا إلى أهرام السودان تفجّر أزمة إعلامية بين مصر والخرطوم حول التاريخ
  4. استياء مصري من فرض السودان تأشيرة على المصريين
  5. الخليج يتجه إلى السودان باستثمارات مليارية.. فما السبب؟
  6. خلافات بين القاهرة والخرطوم: الإخوان أبرز الأسباب