المذبحة التي شهدتها كينيا مؤخرًا، والتي أودت بحياة 148 طالبًا جامعيًا تؤكد حالة التقلب التي تتسم بها تلك الدولة الشرق إفريقية.

وجاءت المذبحة المذكورة، التي شهدتها جامعة جاريسا، على رأس حوادث أخرى، مثل قتل 67 شخصًا في مركز تسوق بنيروبي عام 2013، وتفجير السفارة الأمريكية بنيروبي، الذي قتل أكثر من 200، وغيرها من الوقائع الإرهابية.

الصومال كذلك، الدولة التي تجاور كينيا، تعاني من الاضطرابات، إذ أنها موطن جماعة الشباب المتطرف، الذين نفذوا الهجوم في كينيا.

وبالرغم من التقدم الجيد الذي حققته الولايات المتحدة في مساعدة كينيا على استئصال جذور المسلحين المتطرفين، مثلما حدث في سبتمبر الماضي، عندما قتلت طائرة بدون طيار قيادي الشباب أحمد عبدي غودان، لكن ما زالت الصومال في وضع محفوف بالمخاطر، وتعج بالعناصر المتطرفة.

وعبر خليج عدن مباشرة من ناحية الصومال، يقع ما تبقى من اليمن، تلك الدولة التي تشتعل تحت وطأة التمرد الحوثي.

ويعتبر اليمن، أو كان، حليفًا إقليميًا هامًا، للولايات المتحدة، حيث يحتل الركن الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية، ذي الأهمية الإستراتيجية.

وفي خضم كل هذا الصراع، تقع جيبوتي، تلك الدولة الصغيرة، التي ربما لم يسمع عنها العديد من الأمريكيين، لكنها تبزغ كقاعدة انطلاق تروج للاستقرار في شرق إفريقيا، وتدعم العمليات عبر “منطقة المسؤولية” للقيادة المركزية الأمريكية، والتي تمتد من مصر إلى وسط آسيا.

وفي مايو الماضي، مدت واشنطن نطاق التزاماتها تجاه جيبوتي، عبر عقد استئجار لقاعدة “معسكر ليمونيير” باهظة التكلفة، التي تضم 4000 من العسكريين والمدنيين الأمريكيين، تتركز مهمتهم على عمليات مكافحة الإرهاب، لا سيما وأن جيبوتي متاخمة للصومال، ولا تزيد المسافة بينها وبين اليمن عن 17 ميلا، عبر خليج عدن.

ثمة احتياج هائل عبر شرق إفريقيا لتلك النماذج ذات الإمكانيات الضرورية للأمن المحلي والإقليمي، من اكتشاف ونزع فتيل العبوات الناسفة، إلى رصد التهديدات المستمرة، والحد من الاعتداءات المروعة، مثل تلك التي ضربت كينيا.

وكحد أدنى، يخدم معسكر ليمونيير كعيون وآذان على الصومال، وعلى التهديدات النابعة من تلك المنطقة، بالإضافة إلى كونه مركزًا قتاليًا بالطبع، وكذلك يخدم في تنفيذ مهام إنسانية، ونزغ الألغام.

الدور الذي تلعبه القوات الأمريكية في جيبوتي ينبغي أن يفهم بمنظور يتجاوز عمليات المراقبة الاستخبارية على مدار الساعة، أو عدد الهجمات التي تنفذها طائرات دون طيار، والهجمات الإرهابية التي يتم منعها.

ومنذ 2001 على الأقل، اتسمت منطقة شرق إفريقيا بأنها موطن لانتشار الجهاد المسلح. ولمجابهة ذلك، اضطرت واشنطن إلى ابتكار طرق مبتكرة، وشن جهود مستمرة في بعض من أكثر المناطق النائية في العالم.

العلاقة التعاونية بين الولايات المتحدة وجيبوتي تمثل نوعًا من الشراكة المطلوبة حاليًا في المعركة ضد الإرهاب، لأن مثل هذه الساحات الصغيرة تمثل نقاطًا فارقة في الفوز أو خسارة المعركة.

وفي المستقبل القريب، سيتركز دور الولايات المتحدة على ذلك الجزء من العالم، الذي تتنامى فيه المشكلات الأمنية، وتتعاظم فيه الاهتمامات الأمنية.

المصدر

اقرأ المزيد

كيف تسيطر أمريكا علي الممرات الإستراتيجية في العالم؟

كيف ازدهرت العلاقات العسكرية المصرية الإماراتية بعد 30 يونيو

تعرف على أقوى 10 جيوش عربية (إنفوجراف)