تحركت موجات صحفية حادة في الأيام القليلة الماضية، قادمة من داخل أروقة المنتخب البرتغالي الذي يشارك في الوقت الحالي ببطولة كأس القارات المقامة في روسيا. كل أخبار البطولة تم تنحيتها جانبًا حينما تم بزوغ اسم البرتغالي المخضرم، كريستيانو رونالدو، ودمجه مع أخبار الرحيل عن النادي الملكي ريال مدريد.

مصادر سكاي سبورتس أكدت أن رونالدو أبلغ بعضًا من إداريي النادي الإسباني بعدم رغبته في اللعب في أسبانيا مرة أخرى، وذلك نتيجة التعامل السيئ معه فيما يخص الشئون الضريبية، بعدما تم اتهامه بالتهرب الضريبي في أربع قضايا تخص شركة لدى رونالدو. حيث ادعى الممثل العام للضرائب في مدريد أن شركة رونالدو للإدارة، والتي أنشأها حينما كان في إنجلترا، قد تم استغلالها للتحايل والتغطية على الضرائب المفروضة على اللاعب في أسبانيا، بالرغم من التأكيدات التي توضح بأن الشركة تعمل وفقًا للقوانين الضريبية المنضبطة في كل من بريطانيا وأسبانيا.

الخبر الذي ظهر على شاشة سكاي سبورت في منتصف يونيو تقريبًا كان الفتيل الذي أشعل شرارة كبيرة جدًا في كافة الصحف، وتسابق من بعده صحفيون عدة في نقل أخبارٍ تخص رحيل رونالدو المُحتمل عن ريال مدريد في قريبٍ عاجل. والواضح، وبالرغم من تباين الأقاويل التي تخرج من الصحف كافة، لكنهم اتفقوا جميعًا على وجود انزعاجاتٍ من قبل البرتغالي من إدارة النادي ومن الرئيس، فلورنتينو بيريز، تكاد تعادل غضبه من التعامل الذي يراه من مسئولي الضرائب في البلاد.


ليس الرحيل المحتمل الأول لرونالدو

كان رونالدو يملك عقدًا مع ريال مدريد ممتدًا حتى عام 2015، لكن وبالرغم من ذلك، كان هناك حديث عن تجديد ذلك العقد ورفع قيمته المادية في الفترة بين نهاية سنة 2012 وبداية 2013، لكن رونالدو خرج وكذب هذه الأخبار عبر حسابه على تويتر وفيسبوك مؤكدًا أن الأخبار التي تثار حول تجديده كلها خاطئة، ومن هنا كان فتيلًا لم ينطفئ بهدوء فيما بعد.

في تلك الفترة كانت صحيفة «AS» الأسبانية هي أحد أكثر المهتمين بالأمر، أو بالأحرى، أكثر الصحف نفخًا في نار فتيل الرحيل. تناقلت الصحيفة في تلك الفترة العديد من الأخبار التي تخص رحيل رونالدو المحتمل بل وربما عودته إلى بيته من جديد، مانشستر يونايتد، وحين ذلك وصف صحفيوها أن تدشين رونالدو لهذه الرسالة على حساباته الشخصية باللغة الإنجليزية يُعد رسالة واضحة الملامح حول اقتراب عودته إلى المملكة وأن هذا تحفيزًا وأملًا لصالح جمهور الشياطين.

لكن أهم ما تناولته الصحيفة في هذه الفترة هو الغضب الذي يملأ البرتغالي من قبل رئيس النادي والذي شعر رونالدو أن الأخير يستخدمه –حينها- كأداة في حربه في انتخابات الرئاسة، وهو ما رآه رونالدو غير ملائم أبدًا لشخصٍ مثله، وأن كافة الأحاديث التي تخصه والتي ترددت على لسان بيريز بأن رونالدو أفضل لاعبي العالم وأنه يسعى –رئيس النادي- لتمديد عقده بأعلى أجر للاعب في العالم، ما هو إلا حديث إعلامي لم يعرف اللاعب عنه أي شيء.

لكن النقطة البارزة هي إشارة الصحيفة كذلك لتصريح رونالدو في الثاني من سبتمبر لسنة 2012 بأنه لم يحتفل بهدفه ضد غرناطة وأن الإدارة تتفهم أسباب ذلك لأنه «حزين»، وبعد ذلك بيومٍ واحد أكد رونالدو أن الرئيس والإدارة لم تقدم له الدعم الكافي في صراع الفوز بجوائز اليويفا مع ميسي وإنييستا كما قدمت إدارة برشلونة للاعبيها وتواجدهم مع اللاعبين في الحفل في حين لم يتواجد بيريز مع رونالدو، وكذلك غياب الدعم الإداري في الإعلام مما ساعد على ابتعاد رونالدو عن الفوز بالكرة الذهبية في هذا العام بالرغم من الأداء الذي يراه رونالدو بأنه يستحق تلك الجائزة.


رونالدو لديه أسبابه والإدارة لا تحس التصرف.

وبين هذه الفترة وتلك البائدة، لم يتغير شيء عما قبل، رونالدو لا زال يرى أن الرئيس والإدارة لا يقدمان له الدعم الكافي في حروبه الإعلامية والإدارية أيضًا، وهو شيء بالتأكيد يثير غضب أفضل لاعب في العالم، واذا ما تم دمج تلك الأخبار والشكوك التي تثار داخل عقل رونالدو الباطن مع أسباب رحيل مواطنه بيبي –مثلًا- عن الفريق والتي أعلنها في بيانه الأخير قبل السفر مع منتخب بلاده، ربما نصل لنقطة تفيد بأن رونالدو ربما يكون على حق.

الصحيفة الإسبانية «MARCA» والمقربة جدًا من النادي الملكي، ترى كذلك بأن رونالدو لديه أسباب عدة للخروج من النادي الملكي ولم تكتفِ فقط بالملاين المطلوبة منه كضرائب -14.7 مليون يورو- والتي يراها اللاعب ضغطًا كبيرًا جدًا يوضع عليه بلا سبب وهو الوحيد –كما يظن- الذي يعامل بهذا الشكل من قبل المسئولين عن الضرائب في البلاد، وأن غضبه فقط ليس من من ضخامة المبلغ، لكنه أيضًا غاضب من نظام العدالة الأسبانية؛ فرونالدو يعتقد بأنه وبالنظر لوضعه كشخصية اجتماعية عامة ومعروفة للغاية، فهم يقدمون معه مثالًا غير لائق للتعامل مع هذا النوع من الشخصيات.

لكن الصحيفة الأسبانية عددت أيضًا الأسباب حول ذلك الرحيل المثار، أهمها الضغط الإعلامي غير المبرر على كل ما يحدث والذي يصب على رونالدو دون سواه في الفريق.

كريستيانو يظن أن التعامل الإعلامي السيئ ضده والذي شرح من قبل بأنهم يرونه مُذنبًا دائمًا دون محاولة لمعرفة أي أسباب تخص القضايا المثارة آنذاك، لكن ما يزيد ذلك سوءًا أن رونالدو كذلك يؤمن بأن الإدارة لا تؤمن له الحماية الكافية –كما نُص في صحيفة ماركا- وهو ما يراه يفقده الكثير من حقوقه وهو نقطة كانت ظهرت في السنين الخوالي كما وضح أعلاه.

هذا بالإضافة إلى تصريح رونالدو الذي كان من عدة أيام قليلة بخصوص الجماهير في إنجلترا وحسن معاملتها معه، وهو إذا ما قورن بالتعامل معه من قبل جماهير «سنتياجو بيرنابيو» والتي اعتادت التصفير عليه في مناسبات مختلفة، فهو يجعل رونالدو يشعر بالفارق الكبير بين التعاملين، ومقربون أوضحوا أن مثل هذه الأجواء يشتاق إليها كريستيانو كثيرًا.


كيف تدار الأزمة من كل الجهات؟

nn

من المؤكد أن المساعي في ريال مدريد لم ولن تتوقف من أجل تهدئة رونالدو وإثنائه عن قراره المزعم ذاك، هذا وبالرغم من الموقف القوي الذي عليه الإدارة في مدريد. فبالرغم من كل هذا فإن الإدارة لا زالت تمتلك عقدًا يضمن لرونالدو البقاء في النادي حتى عام 2021 وهو ما لا يمكن كسره إلا عن طريق الشرط الجزائي المستحيل على أي فريق وهو مليار يورو. لكن إذا قررت الإدارة ألا تجبر رونالدو على البقاء في حالة رغبته فعلًا، فإن فوائدها المادية لن تكون بالهينة على الإطلاق، فالجماهير عبر تصويت صحيفة ماركا أكدت أن قيمة رونالدو لن تقل عن 150 مليون يورو وربما قد تصل لما يزيد عن 200 مليون يورو، هذا بالإضافة إلى توفير راتب اللاعب الذي يكلف الإدارة 50 مليونًا في كل عام.

وبإيضاح من الرئيس السابق لنادي ريال مدريد «رامون كالديرون» بأنه يؤمن بحب رونالدو الشديد لكل شيء يخص مانشستر يونايتد، الجمهور، الإدارة والمدينة، وهو ما يمكن أن يجعل مانشستر وجهة رونالدو الأولى إذا ما قرر ترك النادي الملكي في أسبانيا، والعديد من التأكيدات الصحفية بأن فعليًا الأمور كلها تصب في مصلحة مانشستر يونايتد إذا ما صحت كل الأخبار السابقة الخاصة بقرار رونالدو النهائي بالرحيل النهائي عن الفريق فعلًا.

يأتي ذلك مع تأكيد الصحيفة البرتغالية «A Bola» والتي كانت من أصحاب السبق في أخبار الرحيل، والتي ادعت أن رونالدو قد تحدث مع وكيل أعماله، خورخي مينديز، بهذا الشأن، وأنه قد طلب من الأخير أن يبذل قصارى جهده وكل اللازم من أجل إعادته مرة أخرى إلى مانشستر يونايتد من جديد. وحسب ما نص في الصحيفة فإن الخلافات بين رونالدو ومورينيو ليست عائقًا في هذا الأمر خاصة أن العديد من اللاعبين في مدريد ربما كان لهم دور في هذه الخلافات التي خلفها مورينيو في أيامة الأخيرة داخل أروقة ملك أسبانيا.

لكن هنالك بعدًا مختلفًا يمكن النظر إليه من كل ما سبق، أن رونالدو لا يبحث فقط عن المال، كل هذه الفرق -بما فيهم ريال مدريد- يمكن أن يقدموا لرونالدو كل طلباته المادية، لكنه يبحث عن المكانة التاريخية والوجود والحضور الذان يضيفان له ولإسمه قيمة كبيرة، هذا ما يجعل أخبار انتقاله لآسيا أو لباريس سان جيرمان أو حتى تشيلسي صعبة، وبالتالي ريال مدريد لديه فرصة ضخمة من أجل هدم كل تلك الأخبار وضرب عرض الحائط بها في حال توصلت لاتفاق مادي مريح مع اللاعب يريحه من صراعات الضرائب وحاجته للخوض في مثل هذه الأمور.

الرهان الكبير الآن على ذكاء رونالدو الكبير في حسم الأمور، وهو ما سينهي كل هذا الجدل في حينٍ أو آخر.

المراجع
  1. مشكلة كريستيانو مع الضرائب.
  2. كريستيانو يلمح للرحيل.
  3. مشكلة مشابهة عام 2013.