لعبت الكتلة دورًا كبيرًا في دفع الإخوان المسلمين بفلسطين إلى المقاومة.

تأسست الكتلة الإسلامية في عام 1977 بكلية الشريعة بالخليل (ستتحول لاحقا إلى جامعة الخليل عام 1980م) بقيادة شيخي الداخل رائد صلاح وكمال الخطيب. ولم تلبث أن انتشرت في جامعات فلسطين كلها حيث نجحت في الحضور بقوة في انتخابات تلك الجامعات ما أدخلها في صراع حاد مع فصائل منظمة التحرير في الجامعة، وهو صراع انتهى أخيرًا باعتراف أجنحة تلك الفصائل بالكتلة الإسلامية كإحدى خيوط النسيج الطلابي الفلسطيني.لعبت الكتلة دورًا كبيرًا في دفع الإخوان المسلمين بفلسطين إلى المقاومة، تفاعلًا مع أفكار د. فتحي الشقاقي مؤسس جماعة الجهاد الإسلامي، الذي كان قد انشق عن الإخوان ودعا إلى الانخراط في الثورة والمقاومة تأثرًا بالتجربة الثورية الإيرانية 1979؛ وكذلك تحت ضغوط المنافسة مع فصائل منظمة التحرير المنخرطة في المقاومة. ومن ثم لعبت كوادر الكتلة من بعد دورًا محوريًا في تأسيس كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، منهم الشهيد يحيى عياش خريج برزيت، والمشايخ رائد صلاح وكمال الخطيب وصالح العاروري خريجو الخليل، والشهيد محيي الدين الشريف (المهندس الثاني للكتائب) خريج جامعة القدس. بل إن وعي الكتلة قد يعد عاملًا مؤثرًا في ميلاد حركة المقاومة الإسلامية، حماس، من رحم الإخوان المسلمين بفلسطين الذين عزفوا على مدى سنوات طويلة عن الكفاح المسلح.وعلى الرغم من ذلك التاريخ الحافل، يبقى لنتائج العام مذاقها الخاص، إذ أنه العام الأول بعد تخلي الحركة عن السلطة رسميًا. فمنذ وصول الحركة إلى السلطة 2006م، مرورا بالحسم العسكري عام 2007م وتحمل الحركة مسئولية بمفردها تحت الحصار والاعتداءات المتوالية من المحتل، تراجع الاهتمام بالكتلة كثيرًا على قائمة أولويات الحركة التي ترزح تحت نير مسئوليات السلطة. وعلى الرغم من أن الحركة قد شاركت في 2013م، إلا أنها لم تشارك بنفس القوة ولم تحقق نفس النتائج التي وصلت إليها هذا العام، والتي ربما لم يسبق أن حققت الكتلة مثلها في جامعة بيرزيت تحديدًا.


بين السياسة والمبادئ

لا تحظى الدعاية الإعلامية والخطابات الأيديولوجية باهتمام كبير من قبل حركة حماس الفلسطينية.

يبدو خطاب المعارضة سهلًا، فقليل من المزايدة والحديث عن المثل العليا يكفي لإثبات الحضور واجتذاب الجماهير. أما خطاب السلطة فهو خطاب المتاح والعملي الذي لا يستهوي الجماهير؛ خاصة تلك القواعد الشبابية المتحمسة والطموحة. لذا، ففي حالة الاستقطاب الشديد في الأزماتها والمنعرجات الإصلاحية، يحتاج أصحاب السلطة إلىخطابٍ مقنع جماهيريًا. تمثل الأيديولوجية في هذه الأوقات، ليس فحسب وسيلة مناسبة للمزايدة على السلطة وتجنيد الأعضاء، وإنما شرطًا للحفاظ على الدعم الشعبوي للسلطة. وتبدو تلك الانتخابات تأكيدًا لذلك الرهان، حيث كان للأيديولوجيا الدور الأكبر بعد معركتها في 2014م مع المحتل، في فوزها بالدعم الشعبي في الجامعة. يدعونا هذا السياق أيضا إلى إعادة التفكير في مسألة إدانة التصويت الأيديولوجي باعتباره أقل نضجًا من التصويت للكفاءة؛ حيث يبدو التصويت الأيديولوجي في تلك الحالة قائما على أساس قيمي أرسخ من نظيره الذي ربما يخضع فحسب لحسابات المصلحة الجزئية والمؤقتة.مع ذلك، لا تحظى الدعاية الإعلامية والخطابات الأيديولوجية باهتمام كبير من قبل حركة حماس الفلسطينية كما هو الحال أيضا بالنسبة لنظرائها من الحركات الإسلامية في غيرها من البلدان. فلم تهتم الحركة بتطوير «فن للمقاومة» على نفس مستوى الاحترافية الذي يقدمه المنافسون، كما لا تقدم الحركة طبقة من المثقفين وإنتاجا فكريا مناسبا يجيب عن الأسئلة المطروحة عليها.الخطاب الأيديولوجي والدعاية الإعلامية والفن، كلها أدوات للحركة الإصلاحية لا يمكن أن تخوض صراعها الإصلاحي أو المقاوم متجردة منها، لأنها تكون حينئذ مهددة بفقدان الجماهير، الذين لا تملك غيرهم الكثير من أسباب القوة في معركة الإصلاح.