الإرهاب في البطرسية… ارحل يا وزير الداخلية

بهذه الكلمات هتفت جموع الأقباط ضد وزير الداخلية الحالي اللواء مجدي عبد الغفار، في أعقاب تفجير الكنيسة البطرسية منتصف شهر ديسمبر/ كانون الاول الماضي، إلا أن هذه الهتافات يبدو أنها لم تصل بعد لآذان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

شهد الاثنين 6 فبراير/ شباط اجتماعا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعدد من قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة، بحضور كل من وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق صدقي صبحي ووزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار.

وفي هذا الصدد قال السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة في بيان إن الاجتماع كان في إطار الاجتماعات الدورية التي يعقدها الرئيس مع قيادات القوات المسلحة والشرطة؛ لبحث تطورات الأوضاع الأمنية ولمراجعة التدابير والخطط الأمنية التي تنفذها القوات المسلحة والشرطة، لملاحقة العناصر الإرهابية التي تستهدف أمن الموطنين.

ووجه الرئيس بمواصلة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين المنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة في كافة أنحاء الجمهورية بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن، مشيراً إلى أهمية الاستمرار في بذل المزيد من الجهد في التدريب والحفاظ على اللياقة البدنية والروح المعنوية العالية للقوات، وصولاً إلى أعلى درجات الجاهزية والاستعداد لتنفيذ أية مهام توكل إليهم لحماية أمن مصر القومى.


التعديل الوزاري

لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة قد يبدو في ظروف أخرى أنه لقاء روتيني، لكن في ظل الحديث المتصاعد عن التعديلات الوزارية المرتقبة في حكومة المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء المصري، والتي طال الحديث عنها خلال الفترة الماضية، يعزز من احتمالات بقاء وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار في منصبة كوزير للداخلية برغم كثرة المطالب خلال الفترة الماضية برحيله من منصبه.

وهو ما عززته بعض المصادر لوسائل الإعلام ومنها ما قاله شريف عامر مقدم برنامج نقلاً عن مصادر حكومية إن التعديل الوزاري سيشمل وزير الداخلية ليحل محله اللواء كمال الدالي محافظ الجيزة الحالي، أو اللواء أسامة الصغير مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الأمن.

اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية من أكثر وزراء حكومة شريف إسماعيل إثارة للجدل والخلاف واصطناع المشكلات مع كافة القطاعات منذ توليه الوزارة في مارس/ آذار من عام 2015، ففي عهده لم تترك وزارة الداخلية قطاعًا من قطاعات المجتمع المدني في مصر إلا وحدثت معه مشكلة بطريقة ما.

ما بين الاعتداءات اعتداء على محامين داخل محكمة مرورًا بحصار مقر أحد الأحزاب المصرية أثناء ما يعرف بمظاهرات الأرض، التي نظمتها القوى السياسية في إبريل/ نيسان الماضي واقتحام نقابة الصحفيين، وصولاً إلى حادث كنيسة البطرسية بمحيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والذي أعقبه اتهام الأقباط لوزير الداخلية بالتقصير الأمني لم تتوقف خلال تلك المراحل المطالب بإقالة وزير الداخلية.


وزير الداخلية والمحامين

في يونيو/ حزيران عام 2015، بعد عدة أشهر فقط من تولي اللواء مجدي عبدالغفار منصبه كوزير للداخلية المصرية، كانت نقابة المحامين علي موعد مع صدام حاد بينها وبين وزارة الداخلية، وذلك بعدما اعتدى نائب مأمور قسم مركز فارسكور بمحافظة دمياط، على أحد المحامين بالحذاء.

وهي الواقعة التي تبعها اعتصام عدد من المحامين بمحكمة فارسكور للتنديد بالواقعة ورفض الاعتداء على زميلهم ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد دعا نقيب المحامين سامح عاشور المحامين للإضراب العام عن العمل بالمحاكم بجميع أنحاء الجمهورية، وقال فى ذلك الوقت إن الداخلية مصممة على المضي إلى الخلف، والعودة إلى ما قبل ثورة 25 يناير، وفرض سياسات القهر والتعالي.

وأكد أن المحامين لن يتركوا حقهم، ليصل الأمر مع تصعيد المحامين لاعتذار رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي عما حدث من اعتداء على أحد المحامين وقال:

لتنتهي أزمة المحامين والشرطة لكن يظل باب التجاوزات مفتوحًا.


القتل خارج إطار القانون

لم تمض شهور على واقعة الاعتداء على المحامي لتتفجر ظاهرة القتل خارج إطار القانون، من قبل أمناء الشرطة ومنها على سبيل المثال لا الحصر، واقعة قتل أمين شرطة، في الحراسات الخاصة لمواطن بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة في فبراير/ شباط من العام الماضي، لخلاف على أجرة نقل بضائع، وأطلق أمين الشرطة الرصاص على السائق مما أدى إلى وفاته في الحال، وأمسك المواطنون بأمين الشرطة وسلموه لقوات الأمن التي حضرت.

لكن المواطنين لم يكتفوا بذلك فتجمهر العشرات أمام مديرية أمن القاهرة مطالبين بالقصاص له، وظلت المظاهرات مستمرة ليومين على التوالي حتى تم تحويل أمين الشرطة إلى محكمة الجنايات والتي حكمت بالسجن المؤبد عليه، ومن واقعة الدرب الأحمر إلى واقعة مدينة الرحاب شرق محافظة القاهرة.

ففي إبريل/ نيسان من العام الماضي أطلق أمين شرطة النار على بائع مشروبات بسبب الخلاف على سعر كوب شاي مما أدى إلى وفاته وإصابة 2 من المارة وهي الواقعة التي أكدتها وزارة الداخلية نفسها حسب تصريح مسئول مركز الإعلام الأمني بالوزارة.

وقد أصدرت محكمة جنايات القاهرة عليه حكمًا بالسجن المؤبد، وفي واقعة أخرى لقي سائق ميكروباص مصرعه في أغسطس/ آب الماضي بمنطقة المعادي على يد أمين شرطة بسبب أولوية المرور مما تسبب بتجمهر سائقي الميكروباص وإضرابهم عن العمل مطالبين بحق زميلهم، ولا تزال القضية منظورة أمام القضاء.


الأطباء والصحفيون داخل القائمة

في يناير/ كانون الثاني من عام 2016، دخل أحد المواطنين يرتدي ملابس مدنية لمستشفى المطرية بالقاهرة وهو مصاب بجرح فى وجهه، وطلب من أحد الأطباء بقسم الجراحة أن يثبت إصابات غير حقيقية بالإضافة إلى إصابته الحقيقية.

وعندما رفض الطبيب أفصح عن شخصيته بأنه أمين شرطة وأن الطبيب يجب أن يكتب التقرير وفق رغبته وعندما رفض الطبيب، اعتدى عليه أمين الشرطة، بصبحة أحد زملائه واقتادوه والنائب الإداري بالمستشفى إلى قسم شرطة المطرية، لاستكمال الاعتداء عليهما، ونظم أطباء المطرية التعليمي إضراباً عن العمل، وتمت إحالة أمناء الشرطة للنيابة بعد إضراب الأطباء.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي صدر حكم نهائي ضد أمناء الشرطة في واقعة الاعتداء على أطباء المطرية.

وفي مطلع شهر مايو/ أيار من العام الماضي وفي سابقة هي الأولى من نوعها ا قتحمت قوات الأمن نقابة الصحفيين فى واقعة هي الأولى من نوعها للقبض على صحفيين اثنين معتصمين بالنقابة؛ وهما عمرو بدر ومحمود السقا، تحت زعم صدور أمر ضبط وإحضار بحقهما.

وهي الواقعة التي أثارت جموع الصحفيين، وعقدت نقابة الصحفيين اجتماعًا حاشدًا لجمعيتها العمومية وأصدرت عدة مطالب كان من أهمها إقالة وزير الداخلية.


الأقباط يطلبون رحيله

أنا بقول للمحامين كلهم حقكم عليا، وأنا بعتذر لكم يافندم، وبقول لكل أجهزة الدولة من فضلكم، لازم نخلي بالنا من كل حاجة، رغم الظروف اللي إحنا فيها، موجها كلامه للواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية

في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي كانت مصر على موعد مع عملية إرهابية جديدة، وهي تفجير الكنيسة البطرسية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أدى إلى مقتل 25 شخصًا وإصابة أكثر من 30 آخرين.

وهي الحادثة التي تسببت في اشتعال الغضب بين صفوف العديد من الأقباط حيث تجمع العشرات بمحيط الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، للتنديد بالحادث الإرهابي، و طالب المتظاهرون برحيل وزير الداخلية، إلا أن المظاهرات قد هدأت بعد إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هوية منفذ العملية.

ولعل لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بوزير الداخلية خلال اجتماعه بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة، ليس هو الدليل الوحيد على استمرار عبدالغفار بمنصبه، فالمصادر الحكومية أكدت أن الحديث عن حقبة الداخلية ما يزال محل جدل بعد أن كان هناك تراجع عن نية تغييره.