محتوى مترجم
المصدر
Brookings
التاريخ
2017/05/29
الكاتب
دانيال بايمان

يعدد ذلك المقال بعض أسباب سقوط تنظيم القاعدة، والتي يبرز من بينها فشله في خلق ظهير شعبي بين السكان المحليين، على عكس الحال لدى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

ويستهل المقال المنشور على موقع معهد «بروكينجز» بالإشارة إلى الأسباب، وأولها الاستهانة بحملة مكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، وثانيها خسارة التنظيم لبنيته العالمية وقتله للمسلمين، وآخرها الافتقار لقاعدة قوية بين السكان.

ويرى المقال أن الرد غير القوي لواشنطن على تفجيرات سفارتيها بكينيا وتنزانيا عام 1998، وتفجير المدمرة «يو إس إس كول» في عام 2002، كان له دور في إقناع التنظيم بأنه يمكنه استهداف الولايات المتحدة.

ويشير إلى أن القاعدة كان يتوقع تعثرا سريعا للولايات المتحدة في أفغانستان، وأن يقوم إثر ذلك باستقطاب المسلمين وحشد الجماعات الجهادية خلف رايته وإيقاع أمريكا في مستنقع يؤدي لإذلالها وانهيارها في نهاية المطاف.

لكن بحسب «باراك مندلسون»، المتخصص في شئون القاعدة، فإن هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول آلت لرد أكثر قوة من الولايات المتحدة أكثر مما كان يتوقعه زعيم التنظيم السابق «أسامة بن لادن».

ويقدر المقال بأن «القاعدة» قد فقد 80% من مقاتليه في أفغانستان خلال الأشهر الأخيرة من 2001، وأن سقوط طالبان مثل خسارة ثلاثية للقاعدة، بمعنى أنه أفقده حكومة داعمة، وأصبح مطاردا ولم يعد يدرب أو يحشد بالمستوى نفسه الذي كان عليه قبل أحداث سبتمبر/أيلول.

كما ينوه المقال بدور أجهزة الاستخبارات العالمية في تدمير البنية التحتية للقاعدة، الأمر الذي أثّر على عملياته بشكل كبير، حيث كان التنظيم يعمل بسرية قبل أحداث سبتمبر/أيلول في أوروبا وآسيا وأمريكا، لكن بعد سبتمبر/أيلول شرع العالم في جهود مضنية لمكافحة الإرهاب.

ويوضح المقال أنه مع انزلاق أفغانستان للحرب الأهلية وظهور باكستان كملاذ للقاعدة على أراضيها، تعاظم استخدام الطائرات الأمريكية دون طيار «الدرونز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجِّهت لهذه الطائرات، فينسب لها الفضل في استهداف قادة التنظيم، وتثبت وثائق عُثِر عليها في مخبأ بن لادن الخطر الذي تشكله تلك الطائرات على التنظيم. وقد عُثِر على أوراق بحوزة جهاديين في مالي تنصح المسلحين بتجنب الطائرات دون طيار وتجنب التجمع في أماكن مفتوحة، وعدم استخدام وسائل اتصال والتخلص من الجواسيس بينهم.

على الرغم من ذلك، يشير المقال إلى أن القاعدة استطاع النجاة من تلك الحملة وتأمين ملاذ له في باكستان، والانطلاق من هناك لشن هجمات بلندن ومدريد ومواقع غربية أخرى. كما كان لإيران دور في السماح لبعض عناصر القاعدة بالهروب لأراضيها، فضلًا على أن سوريا سهّلت تدفق مقاتلي القاعدة إلى العراق في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003.

وقد أسهم النظام السوري في أعقاب اندلاع الاضطرابات عام 2011 في الإفراج عن عناصر القاعدة لخلق بيئة للجهاديين وتشويه المعارضة، وتأكيد وقوفه مع الغرب ضد الإسلام الراديكالي.

وينوه المقال بأن القاعدة كان يرى أن بإمكانه قيادة المجتمع الإسلامي ضد خصومه، وهنا تتمثل نقطة فشل التنظيم، فبعد أحداث سبتمبر/أيلول لم يحتشد المسلمون وراء قضيته. ويتعارض هذا الفشل مع جماعات أخرى كحماس وحزب الله اللبناني، اللذين يحظيان بدعم محلي كبير مكنّهُما من الاندماج بشكل كبير داخل المجتمعات الشيعية.

فحماس هي الحاكم الفعلي لقطاع غزة، وحزب الله يحظى بتمثيل داخل حكومة لبنان. كما أنهما يقدمان خدمات اجتماعية وتعليم وبنية تحتية، ولهما صوت سياسي، ويزعمان الدفاع عن مجتمعاتهما، كما أن العنصر القومي يمكنهما من كسب الدعم الداخلي.

ويوضح المقال أن حزب الله وحماس لا يسعيان لاستقطاب أتباع خارجيين، الأمر الذي يأتي على النقيض من القاعدة الذي يفتقد لأساس داخلي مماثل لاعتماده على المقاتلين الأجانب. ويرى المقال أن هذا الافتقار للدعم بدا جليا بعد احتلال أمريكا للعراق عام 2003، عندما كان التنظيم يترنح من خسائره الكبيرة في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.

لكن التنظيم مُنح ميزة الدعم الشعبي من التيار الإسلامي المعتدل والإسلاميين المتشددين، حيث دعا علماء كبار في مصر والسعودية للجهاد. لذا، فقد اعتبر أيمن الظواهري الزعيم الحالي للتنظيم احتلال العراق «نعمة» بأن سمح بوجود الجهاد في قلب العالم الإسلامي.

ويشير المقال إلى تعاون التنظيم مع جهاديين أجانب داخل العراق بقيادة أبي مصعب الزرقاوي الذي حمل تنظيمه عام 2004 اسم «القاعدة في العراق»، وهذا كان انتصارا على ما يبدو لابن لادن. لكن ما مارسه القاعدة في العراق من قمع وقتل للمسلمين شوّه القضية الجهادية.

ويسلط المقال الضوء على تحذيرات قادة القاعدة الكبار للزرقاوي من تكرار تجربة الجزائر، وأن المسلحين هناك كانوا يفتقدون للمنطق ومارسوا الوحشية والقمع بحق المسلمين. في ذلك الصدد، يشيد المقال بنجاح تنظيم «الدولة الإسلامية» -داعش في استمالة السكان نحوه، وإرساء جذور له في المجتمعات المحلية تحقق له ما يصعب تحقيقه.