تعاقد برشلونة مع المهاجم الكبير لويس سواريز في صفقة بلغت قيمتها مبلغًا قريبًا من 82 مليون يورو، وتأقلم اللاتيني سريعًا مع الكتلان، ليحصل في موسمه الأول على ثلاثية تاريخية. ويفاوضه فيما بعد أكثر من فريق في إنجلترا، ليذهب إلى نادٍ ما بمبلغ وصل إلى 100 مليون يورو دفعة واحدة، وقبل أن يفكر جمهور برشلونة في الاعتراض أو السؤال، بادرهم بارتوميو رئيس النادي متمثلًا في سكرتيره الصحفي السيد «فلان الفلاني»، بضرب مقال صحفي بكلمات من عينة: «لم نستطع أبدًا الرفض. فقد فزنا بأكثر من 18 مليون يورو، ونستطيع أن ندعم الفريق بأكثر من مهاجم جديد، مع استثمار هذه الأموال في مشاريع أخرى»، ومن الممكن أيضًا أن ….!

وقبل أن تستمر عزيزي القارئ في متابعة هذه القصة الخيالية، عليك أن تدرك فورًا كيف تُدار الكرة في الأندية الكبيرة وفرق البطولات. إنها كيانات الشعوب وأيقونات الجماهير، هذه المجاميع التي تلعب فقط من أجل الفوز وتحقيق الألقاب، ليس من أجل مال أو ربح أو خلافه. بل لإسعاد الأنصار والمجاذيب خارج الملعب وداخله.

وبالتالي فإن مجرد التفكير من قبل رئيس أي نادٍ (جماهيري كبير) في بيع أحد نجوم الفريق من أجل مكسب مالي، أمر غير مطروح للنقاش بسبب أو من دون. ومع كامل الاحترام والتقدير للأمور التسويقية وخلافها، ينبغي أن تكون إدارة الكرة داخل نادي القرن، الفريق الأهلاوي الكبير، على علم بكل صغيرة وكبيرة تخص تقوية فريق الكرة بالحفاظ على أعمدته وليس التخلي عنها في منتصف أو نهاية الموسم!


أ ب تخطيط

يؤكد المهتمون بالنواحي الفنية داخل أي فريق ضرورة الإبقاء والحفاظ على أعمدة الفريق البطل لفترة زمنية طويلة. لأن اللعب بنفس المجموعة خلال أكثر من موسم، يؤدي إلى زيادة عامل الاتصال بين الجميع، وزيادة الانسجام والتناغم بين أفراد المجموعة الواحدة. لتتحول تلقائيًا إلى ما يعرف بالفريق القادر على حصد كافة البطولات التي يلعب عليها في الموسم.

ففي برشلونة، لن يتم بيع سواريز مهما كانت البدائل والأموال، كذلك بايرن ميونخ لن يفرط أبدا في ليفاندوفيسكي بهذه السهولة، وحتى ريال مدريد رفض مرارا وتكرارا التخلي عن بنزيما، لكن إدارة الأهلي بقيادة المهندس محمود طاهر باعت ماليك إيفونا لأول نادٍ يطلبه، والسبب الوحيد لذلك، مجرد كسب «كام مليون» دولار من هذه الصفقة!

مع كامل الاحترام والتقدير، إيفونا لا يوضع في جملة مقارنة واحدة مع هؤلاء المهاجمين العتاولة، لكن الفكرة هي الأساس والمبدأ هو المتحكم، فالنادي الأهلي لا يفرط أبدًا في واحد من نجومه من أجل المال، خصوصا أن اللاعب نفسه كان يفضل الاستمرار، والعرض قادم من فريق صيني لا أوروبي، أي أنه ليس هناك أي مكسب معنوي أو فني في هذه العملية، ليثبت مجلس طاهر من جديد أنه أبعد ما يكون عن إدارة أمور فريق لكرة القدم.


رمضان يختلف

وقبل أن يدخل البعض من باب التحيز والضرب من تحت الحزام، يجب التأكيد على اختلاف موقف رمضان صبحي تمامًا، فالعرض الإنجليزي قوي، واللعب في بطولة بحجم البريمرليج أمر فعال. وكذلك رغبة اللاعب نفسه في الاحتراف مثل صلاح والنني والبقية نقطة يجب أن توضع في الحسبان. وبالتالي فإن بيع صبحي بهذا المبلغ فكرة ليست بالسيئة بل بالنسبة لي خيار مميز. لكن هنا العبرة ليست بالبيع بل في التعويض، أي كيف سينجح الفريق في تلافي عملية بيع رمضان، وهذا ما يؤكد وجهة النظر السابقة بمدى صعوبة نجاح الإدارة في تحقيق ذلك.

الأمثلة كثيرة ولن نذهب بعيدًا، عندما جاء خوان كارلوس جاريدو، تعاقدت الإدارة مع مجموعة شابة من الأسماء، لم ينجح أحد تقريبا، ولم يترك أي لاعب ذكرى للجمهور، لدرجة عدم المبالغة بالقول أنني لا أتذكر معظمهم الآن! كذلك بعد موسم سيء والتعويض بأكثر من اسم كبير وفعال، كيف جاءت النتائج على مستوى الأداء قبل البطولات؟ لا شيء يُذكر!


الجواب من عنوانه

تعاقد الأهلي مع ماليك إيفونا وجوني أنطوي، رغم أنه يملك عمرو جمال وعماد متعب، ومع وجود بيسيرو البرتغالي، المدرب الذي لا يؤمن بوجود أكثر من مهاجم واحد في الأمام، بالتالي يأتي السؤال، ولماذا لم يتعاقد فقط مع إيفونا؟ سيرد أحدهم بالقول لأن أنتوي جاء أولاً، وإيفونا أفضل منه، ليكون الرد سهلًا وبسيطًا، كيف تدخل موسم الانتقالات بدون قائمة موحدة وواضحة لكل أهدافك التي تريدها، في كل مركز وكل خط وحتى كل لعبة!؟

جاء أحمد الشيخ دون أن يترك أي بصمة، في الحقيقة أنه لن يترك! لأن هذا اللاعب وصل بموجة عاصفة من المديح، المديح المبالغ فيه من الجميع، لذلك فإن قدراته وإمكاناته أقل بكثير من حجم الأمنيات المطروحة عليه. محمد حمدي زكي في المقابل لاعب أتعاطف معه، لأنه لا يعرف لماذا أتوا به، وأين سيلعب؟ وما هو المركز الأقرب له في تشكيلة الأهلي!؟

هذه الأمثلة مجرد نقطة في بحر فريق يضم ثنائي من الأظهرة، لا يجيد لعب العرضيات أو التغطية العكسية أو التفوق في 1 ضد 1 أو الزيادة الهجومية للأمام. وكل هذا النقد يخص فترة انتقالات وصفها معظم أنصار الاهلي بالعبقرية والعظيمة، لدرجة أن البعض ذهب بخياله إلى أبعد من ذلك بكثير، إلى نهائي كأس العالم للأندية، البطولة التي يصل لها بطل أفريقيا وليس الفريق القريب جدًا من الخروج في ربع النهائي!


إنه المشروع

الجمهور دائمًا على حق، إنهم سكان الركن الحقيقي من المدرجات، وأصحاب هذه اللعبة بكل ما فيها من روح، لذلك تبقى آرائهم عاطفية إلى حد كبير وطبيعي، لكن العيب على إدارة الكيان الكبير، المجموعة التي تفتقد إلى الرؤية الفعالة، ولا تضع أي أهمية لفكرة المشروع الرياضي، وكأن البطولة تعني فريق مليء بالنجوم ومدرب أجنبي يملك ماضيًا مميزًا وسجلًا تدريبيًا لا بأس به.

عذرًا طاهر وشركاه، من الصعب الحديث عن الأهلي وإدارته، إلا ويجب أن نعود بالذاكرة إلى «العملاق» حسن حمدي، الرجل الأفضل تاريخيًا في كرسي رئاسة الأهلي، مع كامل التبجيل للمايسترو صالح سليم. لأن حسن حمدي نجح بإدارته في توفير بيئة نجاح مناسبة للجميع.

يقول البعض أن جوزيه هو البطل في تلك المنظومة السابقة، بينما يذهب البعض الآخر إلى الأسطورة تريكة ورفاقه، لكن في علم الكرة الحالي، يجب أن يوضع أكبر قدر ممكن من التقدير تجاه الإدارة الرياضية الفعالة، التي تضع إستراتيجية نجاح ثابتة، يسير عليها الجميع من أكبر مدير فني إلى أصغر بديل على الدكة، وهذا فقط ما تغير بين مجلس حمدي ومجموعة طاهر.

يمكن للمهندس أن يكون رئيس مجلس إدارة ناجح لشركة النادي الأهلي، لكنه لن يصبح رئيسًا ناجحًا للنادي الأهلي لكرة القدم، ليس لأنه لا يعرف الكثير عن قيمة المشروع الرياضي لأي بطل، ولكن لأنه فاشل جدًا في اختيار أصدقائه ومن حوله، لذلك لا يخرج من مشكلة إلا ويقع في غيرها سريعا، وسيبقى الوضع على ما هو عليه إلى أن يثور الشعب الأهلاوي الغاضب عليه وعلى من معه، وإن غدًا لناظره قريب!