صرحالسيد «عبد الفتاحالسيسي»مؤخرًاببعضتفاصيلترشحهللانتخاباتالرئاسية٢٠١٤مفي إحدىخطاباته؛بمناسبةافتتاح أحد المشاريعالسكنيةللقواتالمسلحة. اندهشالبعضمنمضمونماقالهوالذييمثلاعترافًابأنترشيحهلمنصبرئيسالجمهورية ماهوإلاقرارللمجلسالأعلىللقواتالمسلحة،وعليهفإنالسيدعبدالفتاحالسيسيماهوإلاممثلرسميللقواتالمسلحةفيقصر الاتحادية.

فيالواقع إنالجيشالمصريوعلىمدارعقودكثيرةكاندائمًامتواجدًابشكلماعلىالساحةالسياسيةلمصر،فيماعدا فتراتانقطاعبسيطةعقبتوقيعاتفاقيةالسلامبينمصروإسرائيل١٩٧٩م؛حيثانغمستالقواتالمسلحةلبضعسنواتفيتمكين وتعضيد إمبراطوريتهاالاقتصادية.

لكينفهم أبعادتدخلالجيشالمصريفيمسألةالحكمفيمصروتوغلهفياقتصادها،يجب أننفككالعلاقةالتشابكيةبينالدولةوالجيشوتحليلنشأتها،وأننضعالجيشفيالسياقالتاريخيوالجغرافيللمنطقةالمناسبةله.


بداية توغل القوات المسلحة في السلطة

القواتالمسلحةالمصريةهيكلمعقدومتداخلوجزءمنالنسيجالاجتماعيالمصري،فهيبصورتهاوهيكلتهاوعقيدتها الحاليةتعود إلىسنة١٩٥٢م،وحيثأنأغلبجيوشالمنطقةقدتشكلتوتكونتفيفتراتمقاومةالاحتلالالأجنبيفي أربعينياتوخمسينياتالقرنالعشرين.

وفيالحقيقةلاجذورللقواتالمسلحةالمصرية أبعدمنسنة١٩٥٢م،حيث أنالجيش المصريفيسنواتالاحتلالالإنجليزيوماقبلهالميكنضمنقادتهوجنرالاتهمصريون،وخصوصًابعدمايسمىبثورة عرابي،حيثتم إبعادالمصريينعنمراكزاتخاذالقرارفيالقواتالمسلحةعمدًا.

ولكينكون أكثردقةفإنالتدخلالحقيقيللجيشفيمقاليدالسلطةحدثعندالإطاحةبالنظامالملكيواستيلاءالجيشعلىالسلطة في١٩٥٢م،لكن أثرهذاالتدخللميظهرإلابعدتوليجمالعبد الناصرمنصبرئيسالجمهوريةفياستفتاءشعبيسنه١٩٥٦م، حيثكانتأغلبالمناصبالوزاريةيشغلهاأعضاءمجلسقيادةالثورة.

اعتبرالجيشالمصرينفسهآنذاكهوالمحركالحقيقيللثورةوالجماهيروهوالذييستطيعالتخلصمنقبضةالحاكمالأجنبيواستبدالهفيمايتعلقبإدارةالدولةوثرواتها،ونصّبواأنفسهمحراسًاللدولةوحماةلثرواتهاوالمحافظعلىدستورها،وهوما يتماشىمعنظريةالحداثةحيثتُعتبرالحكوماتالسلطويةالعسكريةقادرةعلىسدفجوةالتطوروالتنميةفيالدولالتيكانتتحت الاحتلال، أوماقديطلقعليهالبعض «المستبدالعادل»وهيفيحقيقةالأمرفكرةخاويةأثبتالتاريخفشلها،فلامستبدعادل.

استطاعجمالعبد الناصر أنيخلقشعبيةكبيرةلنفسهوذلكبفضلشخصيتهوحضورهبالإضافة إلىانحيازهلطبقاتالعمالوالفلاحين.


عبد الناصر والثورة من فوق

عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت.
أحمد فؤاد نجم عن جمال عبد الناصر

عبدالناصركانلديه إيمانضمنيبإحدىنظرياتالمفكرالإيطالي «أنطونيوجرامشي»؛وهيفكرة إحداثتغييراتاجتماعيةوسياسيةعنطريقالثورةمنفوق «revolution from above».

تعتمدتلكالنظريةبشكل أساسيعلىأنالدولةممثلةفينظامهاالسياسي-هيالتيتقومبإحداثتغييراتاجتماعيةوالتأسيس لنهضةصناعيةكبيرةقادرةعلىخلقطبقةوسطىعريضة؛ عنطريقنقلشرائحمجتمعيةكبيرةمنالطبقاتالعاملة (البروليتاريا) بحيثتصبحبرجوازيةصغيرةتمتلكأدوات إنتاجها،وذلكبتمكينهااقتصاديًابنقلحيازةالإقطاعيين إليهم.

اكتسبعبد الناصرمحبةالجماهيرلهبفضلسياساتالتأميمالتيطالتالقطاعاتالصناعيةوالتجاريةفيالخمسيناتونزعت ملكيتهامن إقطاعيينليسوامن أصولمصريةبأيحالوتحصلواعليهاكهباتمنالحاكمالتركيبالإضافة إلىالسياسات الاشتراكيةالتيتبناهانظامعبد الناصرفي١٩٦١موالتيشملتقوانينالإصلاحالزراعي.

كلالشركاتالتيتمتأميمهافيعصرعبد الناصرتمتوليةإداراتها إلى ضباط منالقواتالمسلحة.


كيف تبني الدول الحديثة نفسها؟

استطاعجمالعبد الناصر أنيخلقشعبيةكبيرةلنفسهوذلكبفضلشخصيتهوحضورهبالإضافة إلىانحيازهلطبقاتالعمالوالفلاحين
الطريقة التي تم إدارة البلاد به في عهد عبد الناصر، تسببت بعد ذلك في خلق الكثير من المشاكل الإدارية والسياسية التي تراكمت عبر السنين

الكثيرمنالدولالحديثةتمبناؤهاعنطريقالحروبوعنطريقالجيش،حيث أنالأزماتالعسكريةتجعلالدولخاضعة لضغوطلهاعلاقةبتوفيركلالإمكانياتالمتاحةللجيشمن أجلتحقيقنصرعسكريمندوناللجوء إلى أيدول أخرى؛مما جعلهمينتهجوننهجًاصناعيًاوإداريًايهدف إلىتصنيعكلاحتياجاتالجيشالعسكريةوالمدنية،وكذلكتوفيراكتفاءذاتيفيماله علاقةبالمخزوناتالإستراتيجيةمنأغذيةوأدويةوما إلىذلك.

وبالطبعكانيتم إدارةهذهالأعمالعنطريقالجيشوأفراده المدنيينمن أجلالحفاظعلىالسريةالعسكريةفيوقتالحروب. هذهالسياساتالإنتاجيةالتيتمتبنيهافيوقتالحروبأدت إلى تراكمخبرات إداريةوصناعيةواقتصاديةلدىالعاملينبأجهزةالدولة؛مماساعدفيمابعدعلىرخاءهذهالدولاقتصاديًا،ولكن الفاصلهناهو أنهذهالدولبعدانتهاءالحروبأبعدتالجيشعنكلمالهعلاقةبالحياةالمدنيةوذلكمتضمنًاالسياسةوالاقتصاد، كما حدث في الصين في ١٩٨٨م وفي كوريا الجنوبية وبعض دول أمريكا اللاتينية.

جمالعبدالناصرتبنىهذاالنموذجعلىأنتكونالقواتالمسلحةالمصريةهيقاطرةالتنميةوالتحديثفيمصر.

قديكونليسمنالعدل أننعترفبأنجمالعبد الناصرقدأقامنهضة إنتاجيةوتعليميةوفنيةفيمصرفيالستينات، ففي تقرير البنك الدولي الاقتصادي عن مصر رقم ٨٧٠ و الصادر في عام ١٩٧٦م تم ذكر أن معدلات النمو في مصر من الفترة ١٩٥٧م وحتى ١٩٦٧م وصلت تقريبا ٧٪،‏ وتلك تعتبر نسبة مرتفعة جدًا حيت أن معدلات النمو في الدول النامية والمتقدمة في تلك الفترة لا تتجاوز ٢.٥٪.‏

فمعظم المصانع والشركات المملوكة للدول الآن تم إنشاؤها في عهد عبد الناصر؛ مثل مصنع غزل المحلة، ومجمع مصانع نجع حمادي للألمونيوم، والكثير من شركات الأدوية و المواد البتروكيماوية والصناعات الثقيلة. لكن الطريقة والأسلوب الذي تم إدارة البلاد به فيما بعد تسبب في خلق الكثير من المشاكل الإدارية والسياسية التي تراكمت عبر السنين، وقد تكون أبرز النتائج السلبية لتلك الفترة هي ظهور فكرة الحكم الشخصي ونظام الإدارة الأبوية واللتان مهدتا لسيطرة الجيش على الاقتصاد والسياسة فيما بعد، وهو ما سنتناوله بالتفصيل في المقالات القادمة.

المراجع