محمد بن سلمان، شجرة آل سعود
محمد بن سلمان، شجرة آل سعود

كعادته في إصدار القرارات المهمة وقت الفجر، أعلن الملك سلمان تنحية الأمير «محمد بن نايف» عن ولاية العهد وتعيين ابنه، الذي شغل الأقلام والمجالس، «محمد بن سلمان» وليًا للعهد.

(عاصفة) من التعليقات أثارها هذا القرار، لا سيما وأنه أتى تحت غطاء من القصف الإعلامي المنشغل بالمقاطعة والحصار الذي فرضته دول السعودية والبحرين والإمارات ومصر على قطر، والذي يُعتقد بشكل واسع أن الحاكم الحقيقي للإمارات «محمد بن زايد» هو المهندس الذي دبر وروج لكلا الأمرين، ضمن رؤية شاملة لـ(صفقة كبرى) تعيد تشكيل المنطقة العربية، ويتخلص فيها ابن زايد من آخر نسائم ما كان يومًا ربيعًا للعرب.

بالتزامن مع ذلك رأى محمد بن سلمان على ما يبدو ألا يكون وحده الشاب وسط رجالات الأسرة الكهول، فتزامن قرار تقديمه في تسلسل تولي العرش مع (إحلال وتجديد) وتعيينات واسعة لشباب من جيل الأحفاد وأبناء الأحفاد، المنحدرين من سلالة الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود؛ ليستهل الملك الشاب حكمه حين يستهله بطاقم جديد لا يبدو صغيرًا، في السن، بينهم.

استأثرت سلالة «السديريين» السبعة، الملك سلمان وإخوته الأشقاء من والدته «حصة السديري»، بنصيب الأسد من تعيينات هذا الجيل الشاب.

بالإضافة إلي ولي العهد الجديد، تم تعيين أبناء سلمان الأصغر سنا في مناصب حيوية داخل المملكة السعودية وخارجها

في المقدمة بالطبع أتى أبناء الملك سلمان الشباب، وعلى رأسهم ولي العهد الجديد محمد بن سلمان الذي يجمع إلى ولاية العهد تشكيلة من المناصب الأهم في السعودية، من وزارته للدفاع، إلى رئاسة مجلس الشئون الاقتصادية، وبالطبع إشرافه على رؤية 2030 التي يُرَوَّج لها في الداخل والخارج، وبواسطة شركات علاقات عامة أمريكية تتلقى ملايين الدولارات، على أنها هي الخطة العبقرية التي ستقود السعودية إلى التطور والحداثة، وتفطم اقتصادها عن التعلق بريع النفط.

إخوة محمد بن سلمان هم الآخرون توزعوا على مناصب حيوية في داخل المملكة وخارجها؛ إذ تم تعيين «خالد بن سلمان»، الذي لم يتجاوز الثلاثين عامًا من العمر، سفيرًا للسعودية في الولايات المتحدة، المنصب الذي شغله عدد من أكبر وأهم الأمراء السعوديين. بينما يتولى «فيصل بن سلمان» إمارة منطقة المدينة المنورة، منذ أن عينه الملك الراحل «عبد الله».

إلى جانب أبنائه الشباب، اختار الملك سلمان أن يعين أحد أحفاده، «أحمد بن فهد بن سلمان»، نائبًا لأمير المنطقة الشرقية «سعود بن نايف» التي تعد أكبر مناطق المملكة، وتضم كامل ثروتها النفطية تقريبًا، كما تتركز بها الأقلية الشيعية في السعودية.

ربما من الجدير بالذكر هنا أن أبناء الملك سلمان الأكبر سنًا يشغلون مناصب أقل أهمية، فسلطان بن سلمان، الابن الأكبر للملك، يترأس هيئة السياحة والتراث السعودية، بينما يعمل أخوه عبد العزيز بن سلمان وزير دولة لشئون الطاقة.

وفي الوقت الذي نُحِّي فيه محمد بن نايف عن كل المناصب التي كان يشغلها، جرى تعيين ابن أخيه عبد العزيز بن سعود بن نايف وزيرًا للداخلية، خلفًا لعمه، ولجده من قبل «نايف بن عبد العزيز» الذي تولى وزارة القبضة الأمنية المحكمة لما ينوف على ثلاثين عامًا، قبل أن يباغته الموت وليًا للعهد على بعد أشهر قليلة من تولي العرش السعودي.

أحفاد الأمير سلطان، الذي لم يسعفه القدر هو الآخر لتولي الملك، حظوا أيضًا بمجموعة من المناصب المرموقة؛ إذ عُيِّن «فيصل بن خالد بن سلطان» أميرًا لمنطقة الحدود الشمالية، بينما اختير أخوه «عبد الله بن خالد» مستشارًا بالديوان الملكي، في الآن نفسه الذي عاد فيه ابن عمهم «خالد بن بندر بن سلطان» إلى أوروبا الأثيرة لديه، ليشغل منصب السفير السعودي في برلين، مستئنفًا السيرة الدبلوماسية لوالده المثير للجدل.

أما بالنسبة لبقية (الفروع السديرية)؛ فقد اختير «تركي بن محمد بن فهد» -حفيد الملك فهد- مستشارًا بالديوان الملكي، كما عين «عبد العزيز بن فهد بن تركي» نائبًا لأمير منطقة «الجوف»، في الوقت الذي اسْتُرْضِي فيه الأمير «عبد الرحمن بن عبد العزيز»، والذي كان غضبه قد خرج للعلن إثر تجاوز الملك عبد الله إياه في تراتبية خلافة العرش، بتعيين ابنه الشاب محمد نائبًا لأمير منطقة الرياض. في حين بقي أبناء الأمير أحمد متفرغين لعملهم العسكري والتجاري.

جاءت معظم التعيينات الشابة في مناصب الصف الثاني استرضاءا لآبائهم من الجيل الأكبر، وتدريبا لهذه الوجوه الشابة واختبارا لمهاراتهم

«خالد الفيصل»، راعي الليبرالية السعودية وأمير منطقة مكة المكرمة، وبالطبع ممثل أبناء الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز في هيئة البيعة، والذي يلعب دورًا متنامي الأهمية في السياسة السعودية منذ عقود، اختير اثنين من أبنائه لينضموا لدائرة الحكم، إذ عُين ابنه «بندر بن خالد» مستشارًا في الديوان الملكي، بينما اختير المحافظ السابق للهيئة العامة للاستثمار «سعود بن خالد» ليشغل منصب نائب أمير منطقة المدينة المنورة.

الأمير «سطام بن عبد العزيز»، والذي عمل لعقود طويلة نائبًا للملك سلمان عندما كان الأخير أميرًا لمنطقة الرياض، عُيِّن ابناه في مناصب رفيعة، إذ اختير ابنه الأكبر عبد العزيز مستشارًا بالديوان الملكي، بينما أرسل الابن الآخر فيصل سفيرًا إلى إيطاليا.

الأمير «مقرن بن عبد العزيز»، الذي كان أول من أُطِيح به في طريق محمد بن سلمان لولاية العهد، عُين ابنه منصور نائبًا لأمير منطقة عسير في الجنوب السعودي، غير بعيد عن ابن عمه الشاب، «تركي بن هذلول»، الذي اختير نائبًا لأمير منطقة نجران، و«محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز» نائب أمير منطقة «جازان» الذي ينحدر من جيل أبناء الأحفاد، والذي يضم كذلك بندر بن فيصل بن بندر بن عبد العزيز، ابن أمير منطقة الرياض، الذي عُيِّن مؤخرًا مساعدًا لرئيس الاستخبارات السعودية، أما عمه الشاب عبد الله بن بندر فهو الآخر اختير نائبًا لأمير منطقة مكة المكرمة.

وفي الختام، مؤقتًا، يأتي نائب أمير منطقة القصيم الجديد، فهد بن تركي بن فيصل بن تركي، باكورة جيل أحفاد الأحفاد.

من الواضح إثر هذا العرض أن معظم التعيينات الشابة أتت في مناصب الصف الثاني، كنواب لأمراء المناطق ومستشارين في الديوان الملكي، فيما يبدو، بجانب مزايا مشاركة السلطة واسترضاء آبائهم، تدريبًا لهذه الوجوه الشابة واختبارًا لمهاراتهم، علّهم يبدون نبوغًا كذلك الذي أبداه ابن عمهم وصعد به إلى أرفع المناصب.