مرضى السرطان الذين عانوا من العقم بسبب العلاج الكيماوي، أصبح لديهم أمل جديد بعدما نجح العلماء في إصلاح الضرر الملحق بالبويضات للمرة الأولى، ففي اكتشاف علمي أطلق عليه خبراء الخصوبة لقب «استثنائى»، أظهر باحثون من مصر والولايات المتحدة أن حقن الخلايا الجذعية داخل المبايض يمكن أن يعيدهم إلى الحياة.

العديد من النساء يحفظن بويضاتهن بالتجميد قبل تلقي العلاج الكيماوي لأنه يسبب حالة من انقطاع الطمث المبكر

العلاج الكيماوي له تأثير سام على المبايض، حيث يدمر البويضات ونسيج المبيض مسببًا حالة من انقطاع الطمث المبكر لدى بعض النساء، والعديد من النساء صغيرات السن الآن يحفظن بويضاتهن بالتجميد قبل تلقى العلاج للسرطان، لكن في الحالات الطارئة غالبا لا يوجد وقت كاف لهذا.

العلماء أوضحوا أنه يمكن إستعادة الخصوبة الآن عن طريق حقن الخلايا الجذعية مباشرة داخل المبايض. ورغم أن العملية لم تجرب بعد إلا على الفئران حتى الآن، إلا أن النتائج كانت ناجحة لدرجة أن الباحثين قالوا أنهم مستعدون للتجربة على البشر، وكانت الفئران المصابة بفشل المبايض بسبب العلاج الكيماوي قد تمكنت من الإنجاب بصورة كبيرة بعد العلاج.

العلاج الجديد يقدم أملًا لأكثر من 20 ألف سيدة في سن الإنجاب يتم تشخيص إصابتهن بالسرطان كل عام، وقد يستطيع أيضًا مساعدة هؤلاء اللاتى يعانين من إنقطاع الطمث المبكر وفشل المبايض.

قائدة فريق الباحثين الدكتورة «سارة محمد»، بكلية الطب جامعة المنصورة في مصر، قالت أن الفكرة خطرت لها بعد مقابلتها لسيدة تبلغ من العمر 22 عامًا كانت تواجه خطر العقم بسبب العلاج الكيماوي.

وأضافت قائلة:

كان الأمر مؤثرًا للغاية بالنسبة لى لذا قررت البحث والعمل عليه لأتمكن من علاجه. وهي مشكلة شائعة جدًا طبقًا لإحصاءات تشخيص السرطان في السيدات سنويًا، نحن قمنا بحقن الخلايا الجذعية داخل مبايض الفئران التى دُمرت من تلقى العلاج الكيماوي واستعدنا وظيفة المبيض بصورة جيدة جدًا فيما يتعلق بعدد الحويصلات، وإنتاج الهرمونات وأخيرًا الحمل وإنجاب فئران جديدة وهو هدفنا النهائى، ونحن الآن نعمل على ترجمة ذلك إلى تجارب إكلينيكية (على البشر). هذا الاكتشاف يحمل الكثير من الأمل للنساء المصابات بفشل المبايض المبكر بسبب العلاج الكيماوي أو لأي سبب أخر

في التجربة التى تضمنت 18 فأرًا، تلقت مجموعة العلاج الكيماوي ومن ثم حقنت مبايضها بالخلايا الجذعية من نخاع العظام، بينما حقنت مبايض مجموعة ثانية بمحلول ملحي. ومجموعة ثالثة، مجموعة التحكم، حقنت بالمحلول الملحى من دون تلقيها للعلاج الكيماوي مسبقًا.

في خلال أسبوع لاحظ الباحثون ارتفاعًا في مستوى «الإيستروجين»، وهو هرمون مهم لعملية التبويض، في المجموعة المحقونة بالخلايا الجذعية متبوعًا بتجدد في نسيج المبيض بعد 15 يومًا وزيادة في عدد الحويصلات، الحويصلات تفرز هورمونى الإيستروجين والبروجيستيرون وتحمل كلًا منها بويضة واحدة يتم إطلاقها عند التبويض، الفئران التى عانت من فشل المبايض تمكنت من إنجاب أعداد كبيرة من الفئران بينما المجموع التى حقنت بالمحلول الملحى لم تفلح في ذلك.

استشاري أمراض النساء الدكتور «ستوارت لارفي»، بالكلية الإمبراطورية، قال:

إن هذا يعد بحثًا شيقًا جدًا يضيف إلى فهمنا لكيفية نمو الخلايا حتى تصبح بويضات خلايا جذعية. من الواضح أنه يتبقى علينا عملًا ضخمًا لنرى ما إذا كان يمكن تحقيق هذه النتائج في البشر. ولكنه يقدم بعض الأمل المعقول في أن المريضات اللواتى أُصبن بإنقطاع الطمث المبكر بعد العلاج الكيماوي قد يستعدن وظيفة المبايض وبالتالي الخصوبة يومًا ما

يأمل الباحثون الآن البدء في التجارب على البشر بإستخدام الخلايا الجذعية من الحبل السُرى أو حتى الأجنة لكن يبقى عليهم إقناع المسئولين بأن التجارب آمنة، وقد تم حظر تجارب حديثة لتحفيز الخلايا الجذعية في المبايض من قبل وكالة الأغذية والأدوية.

حاليًا يمكن للسيدات اللاتى تم تشخيص إصابتهن بالسرطان أن يحفظن بويضاتهن بالتجميد، أو حتى القيام بمراحل مبكرة من أطفال الأنابيب، قبل البدء بالعلاج الكيماوي، لكن العديد من شركات التأمين أوقفت تمويل عمليات أطفال الأنابيب وأحيانًا تُرفض طلبات حفظ البويضات بالتجميد، العلاج الجديد قد يريح بال النساء بما أنه يمكن القيام بشيء لإستعادة الخصوبة بعد العلاج الكيماوي.

ولأن التقنية الحديثة تجدد نسيج المبايض قد تكون البويضات الجديدة حتى أكثر صحة عما كانت عليه قبل العلاج الكيماوي كما إقترح الخبراء. تولد النساء بجميع بويضاتهن لكنها تتحلل مع الوقت، والخلايا الجذعية يمكنها جعل البويضات تتجدد مرة أخرى.

الدكتور جيفري ترو، استشاري الطب التناسلي والجراحة بمستشفى هامرسميث بلندن، قال:

فيما يتعلق بالخصوبة، لو حدث هذا سيكون أمرًا مذهلًا، من المؤكد أن ذلك يبدو مبشرًا وأي شيء يمكن فعله لتجديد المبيض لهو شيء جيد، من الناحية النظرية إذا جددت المبيض فسوف تحصل على بويضات أعلى كفاءة، واضح أننا لم نصل لشيء بعد، ومن الجيد أن الباحثين لم يعطوا نتائجهم أكثر مما تستحق، لكنه إثبات ممتاز للمبدأ نفسه

الدكتور إدجار موكانو، استشاري أمراض النساء بمستشفى روتندا في دبلين وعضو مجلس إدارة في الإتحاد العالمي لجمعيات الخصوبة، قال:

قد يفتح هذا الباب لفرص إستثنائية للسيدات. ملايين السيدات حول العالم يتلقين علاج للسرطان وبعضهن سيصبن بالعقم بسبب فشل المبايض، وبما أن معدل النجاة من السرطان قد تزايد بصورة ملحوظة، فحتى الآن لا توجد طريقة فعالة لمنع حدوث العقم بعد العلاج الكيماوي، وقد يفتح أيضًا المجال لعلاج المشاكل الصحية الناتجة عن انقطاع الطمث
الدكتور أوين ديفيزرئيس الجمعية الأمريكية للطب التناسلى قال:
لو قدر لهذه التجربة النجاح في النساء اللاتى فقدن وظيفة المبايض بسبب العلاج الكيماوي، سيكون هذا تقدمًا عظيمًا. فإستعادة إفراز الهورمونات من المبيض، ونمو الحويصلات والخصوبة في المريضات اللاتى تلقين العلاج الكيماوي يعد تطبيقًا جديدًا محتملًا للتبرع بنخاع العظام وهو ما قد يساعد عديد من السيدات

خبير الخصوبة ريتشارد كينيدى، الرئيس المنتخب للإتحاد العالمى لجمعيات الخصوبة، قال:

واحدة من الرسائل المهمة جدًا إلى زملائنا العاملين على علاج السرطان هى أنه عندما يتقدم الرجال أو النساء بطلب العلاج، فكروا بخصوبتهم، فكروا بوقع علاج السرطان على خصوبتهم. وهذه رسالة مهمة جدًا لأن غالبية المصابين بالسرطان الآن يعيشون لخمس سنوات أو أكثر، و العديد منهم ينجو من السرطان، لذا فإن التفكير في العواقب طويلة المدى للعلاج مهم
كاثرين تايلور، ممثلة جمعية مرضى سرطان المبيض، تقول:
يبدو هذا مبشرًا جدًا ونحن نرحب بأى بحث جديد من شأنه مساعدتنا في بناء معرفتنا للسرطان والخصوبة، ونتطلع لرؤية مدى تقدم هذا البحث في السنوات القادمة

تم تقديم البحث في الفاعلية السنوية للجمعية الأمريكية للطب التناسلى في بالتيمور بالولايات المتحدة.