أطالب المجتمع الدولي بحمايتي بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 وبروتوكولها الملحق لعام 1967 الخاصين بوضع اللاجئين، وتوطيني في قطر أو ترحيلي إلى بلد ثالث لأن حياتي في خطر.
الناشط الحقوقي السعودي محمد عبد الله العتيبي

رغم تقديم دول التعاون الخليجي نفسها للعالم باعتبارها الدول السائرة في ركب الحضارة، إلا أن هذا التسويق لم يمنع وجود سجل حافل لتلك الدول في الاعتداء على الحقوقيين، ومنع العمل الحقوقي باستخدام قوانين معيقة للعمل الحقوقي أو عدم وضع إطار قانوني لعمل الجمعيات الحقوقية، مما يجعل النشطاء في مرمى السلطة أو حتى التوسع في استخدام قوانين تعسفية واستثنائية وتهم مطاطية ضد الحقوقيين.


1. السعودية: غياب قانون للجمعيات الحقوقية

لا يوجد قانون منظم للجمعيات الحقوقية في السعودية، وينظم إنشاء المنظمات غير الحكومية ما يعرف بـلائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 107 لسنة 1990، وهي اللائحة التى بموجبها تشرف وزارة الشئون الاجتماعية على طلبات تسجيل الجمعيات الحقوقية، وتسمح المادة 2 من هذه اللائحة للوزارة بتسجيل الجمعيات التربوية والثقافية والصحية التي لها علاقة بالخدمات الإنسانية دون أن يكون هدفها الربح المادي.

وفي 2013 قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن المملكة تستخدم غياب الإطار القانوني المؤسس للجمعيات الحقوقية، لمنع إصدار ترخيص الجمعيات الحقوقية لأنها تخالف اللائحة التي لا تتضمن أنشطتها حقوق الإنسان، وهو ما يهدد القائمين على هذه الهيئات للمحاكمة الجنائية بتهمة «الاشتراك في إنشاء جمعية غير مرخصة».

ورصد التقرير الصادر عن المنظمة 4 حالات لمنظمات لم تحصل على تصاريح للعمل هي مركز العدالة، وجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، مرصد حقوق الإنسان في السعودية والذي حكم على مؤسسه وليد أبو الخير بـالسجن لمدة 15 سنة بعدة تهم من بينها الاشتراك في إنشاء جمعية غير مرخصة، وجمعية الاتحاد لحقوق الإنسان.

وفي التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية عن عام 2016، رصدت المنظمة قيام السلطات بالمملكة باعتقال واحتجاز عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان بتهم فضفاضة تتعلق بالإرهاب وتمويله، منهم الناشط الحقوقي عبد العزيز الشيبلي الذي حوكم بتهمة التشهير بكبار القضاة، وتقديم معلومات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان لمنظمة العفو الدولية، والتواصل مع جهات خارجية، وقد حكم عليه بالسجن مدة 8 سنوات، والمنع من السفر 8 سنوات أخرى بعد قضاء العقوبة، ومنعه من الكتابة بمواقع التواصل الاجتماعي.

ومن الحالات التى رصدها التقرير أيضًا تقديم الناشطين عبد الله العطاوي ومحمد العتيبي للمحاكمة بتهمة الاشتراك في إنشاء جمعية بدون ترخيص وتفريق اللحمة الوطنية، وقد هرب العتيبي إلى قطر، وقررت السعودية محاكمته غيابيًا، بالإضافة إلى احتجاز الناشطة الحقوقية سمر بدوي زوجة الناشط الحقوقي المحكوم بالسجن 15 عامًا وليد أبو الخير.

وكان العتيبي قد هرب إلى قطر، واستطاع الحصول على موافقة الحكومة النرويجية على منحه الحق في طلب اللجوء سياسي بمجرد وصوله للنرويج، إلا أنه اثناء سفره مع زوجته للنرويج تم نقله قسرًا إلى الرياض، ونقلت وسائل إعلام عن وزير الخارجية القطري أن قرار الترحيل صدر بناء على إجراء قانوني يقوم على اتفاقات إقليمية بشأن تبادل المطلوبين.


2. البحرين: الحراك السياسي والتضييق على النشطاء

اندلعت الاحتجاجات ضد النظام الملكي في البحرين، في 11 فبراير / شباط 2011، مشبعة برياح الربيع العربي الذي كان قد أتى ثماره في مصر وتونس، إلا أن الطبيعة المذهبية للدولة ذات الأغلبية الشيعية والمحكومة من نظام ملكي سني جعل احتجاجات البحرين لا تلاقي التأييد المناسب، بالإضافة إلى التفاعلات السياسية في دول التعاون الخليجي التي ترى أن الاحتجاجات فرصة لتوغل إيران بالمنطقة.

وبسبب هذه الاحتجاجات يعاني النشطاء الحقوقيون الذين وجدوا أنفسهم في خضم احتجاجات وتعامل حكومي عنيف، وتضييق سياسي غير مسبوق وصل إلى حل جمعية المعارضة الرئيسية في البلاد واعتقال زعيمها وهي «جمعية الوفاق»، وتمثلت هذه المعاناة في الاعتقالات والمحاكمات، بالإضافة إلى المنع من السفر، وتهديد الموجودين منهم بالمنفى باعتقال عائلاتهم.

وضمن الحقوقيين المعتقلين بالبحرين مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة المحبوس منذ عام 2011 ضمن مجموعة «البحرين 13»، والمهدد بفقد الرؤية بالكامل حسب بيان المركز بسبب نقص الرعاية الطبية، وكذلك الناشط الحقوقي نبيل رجب والذي يعاني صحيًا بصورة تهدد صحته حسب المركز.

ووفقًا لتقرير أعده مركز الخليج لحقوق الإنسان بمساعدة الشركة القانونية الدولية دورسي آند ويتني، صدر في مارس/ آذار الماضي قالت فيه إن السلطات البحرينية تستخدم التعذيب والإكراه الجسدي ضد المعتقلين ومن بينهم النشطاء الحقوقيون.

ولم يتوقف الوضع في البحرين على النشطاء الحقوقيين الموجودين داخل البلاد، بل شمل أيضًا النشطاء الموجودين بالمنفى، الذين تلقوا تهديدات باعتقال أسرهم، وهو التهديد الذي نفذ بالفعل مع أسرة الناشط سيد الوادعي الموجود بالمملكة المتحدة، حيث تم توقيف والدته وشقيقه في مارس/ آذار الماضي طبقًا لهيومن رايتس ووتش.


3. الإمارات: واجهة حضارية تخفي قمعًا

رغم أن الامارات تقدم نفسها باعتبارها واحة التحضر والديمقراطية بالخليج العربي بصورة خاصة والشرق الأوسط بصورة عامة، وهي الصورة التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، وجعلت الاتحاد الأوروبي يستثني مواطنيها من تأشيرة «الشينجن»، إلا أن هذه الصورة تخفي وضعًا حقوقيًا مزريًا، يمتلئ بسجل حافل من الاعتداءات على الحقوقيين، تصل إلى حالات اعتقال واختفاء قسري.

وكان الاعتداء على الحقوقيين أحد نتائج الربيع العربي، حيث أغرى نجاح ثورات مصر وتونس في 2011 عددًا من المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان للمطالبة بالعديد من الإصلاحات، إلا أن الامارات وجدت في هذه المطالبات تهديدًا لها فقامت السلطات برد عنيف،بحسب صفوة عيسي رئيس المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، حيث قامت قوات الأمن باعتقال مجموعة صغيرة تشمل خمسة أشخاص ثم وسّعت حملتها لتصل إلى 94 شخصًا، من بينهم 13 امرأة بتهمة “التآمر على أمن الدولة”، ورافقت تلك الحملة عمليات سحب لجنسيات بعض الأفراد، وصدور أحكام بالسجن تزيد عن عشر سنوات، فضلاً عن تفاقم ظاهرة الاختفاء القسري والسجون السرية.

ففي تقرير موجه لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أغسطس/ آب 2015، أبرز الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاعتداءات على الحقوقيين في عدد من الدول كان من بينها الإمارات، وألقى الضوء على قضية أسامة النجار، وهو المواطن الإماراتي الذي تم اعتقاله بعد لقائه مع السيدة غابريلا كنول، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، خلال الزيارة التي قامت بها إلى دولة الإمارات في شهر فبراير / شباط 2014.

وتمت محاكمته بتهمة الحض على كراهية الدولة وحكم عليه بالسجن في مارس/ آذار 2014 بالسجن ثلاث سنوات، ورغم انتهاء مدة محكوميته في مارس/ آذار الماضي إلا أن محكمة اماراتية قررت استمرار حبسه بناء على طلب من النيابة بأنه يمثل خطرًا على الأمن. وبين المدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين أيضًا في الإمارات الناشط أحمد منصور، وهو أحد المطالبين بالإصلاحات السياسية، وتم اعتقاله في 2011 والحكم عليه بالسجن 3 سنوات، إلا أنه قضى نحو 8 أشهر فقط، وتم الإفراج عنه بعفو أميري، إلا أنه صعّد من هجومه في 2016 خاصة فيما يتعلق بتجسس الدولة على المواطنين، ليتم اعتقاله في مارس/ آذار الماضي.

يذكر أن الامارات لم تصدق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

ويمكن القول، إن دول الخليج رغم اختلافها في درجة الانفتاح على العالم والصورة التي تقدمها للعالم الغربي، فإن الوضع الحقوقي في دول مجلس التعاون الخليجي الستة ما زال بحاجة لإصلاحات كبيرة، وأهم هذه الإصلاحات هو وقف صور الاعتداء على الحقوقيين.

المراجع
  1. تقرير منظمة هيومين رايتس ووتش لعام 2017
  2. تقرير منظمة العفو الدولية 2016 /17
  3. دول الخليج: مساعي لإسكات 140 رمزا
  4. الحصيلة المُرّة لأوضاع حقوق الإنسان في الإمارات