تقول «ندى القصبي»:

انتشر حديثًا على ساحات التواصل الاجتماعي، تسجيل لشجار بين أولياء أمور لطفلي روضة على إحدى جروبات الواتسآب الشهيرة بين أولياء أمور المدرسة الواحدة، ودون الخوض في أخلاقية نشر هذه التسجيلات دون إذن من أصحابها دعنا نتحدث كيف يمكنك أن تربط معزتك، آآ أقصد ابنتك.

في سياق التسجيل كانت ولية أمر الطفلة تشكو من أن الطفل الآخر قد احتضنها وقبّلها (وسط الكلاس) أمام أعين الأطفال والمعلمة، وهو ما يعتبر فضيحة من وجهة نظر الأم التي ربت أولادها على البعد عن (البويز) وأن أطفالها غير مسموح لهم باللعب مع الجنس الآخر، وأن تعدي الطفل على جسد ابنتها هو انتهاك غير مسموح به لتربيتها، فما كان من أبي الطفل إلا أن رد بجملة واحدة (اللي عنده معزة يربطها) مضيفًا (لو كانت بنتك مؤدبة مكنتش سمحتله يبوسها).

في تعليق من بعض الأمهات في إطار ضاحك قالت إن بناتها يعتبرن والدهن (صُبيان) لذلك يرفضن النوم بجانبه، لتعلق أخرى بأن بناتها غضبن لأنها خلعت حجابها أمام والدهن واحتضنته مما يتنافى مع ما تعلمنه من أنه رجل (يُحرَّم التعامل معه). أثناء تدريبي في إحدى المدارس على التدريس للأطفال، أخبرتني طفلة باكيةً حين أجلستها بجوار زميلها الولد، أن والدتها أخبرتها أنها إن جلست بجوار الأولاد ستتحول لأحدهم!

يتزامن هذا الانتشار مع نشر بعض تقارير التحرش الجنسي للأطفال، وخوف الأمهات وبعض التعليقات المصحوبة بأن لا تأمني على طفلتك حتى من والدها.

لذلك دعني أقدم لك بهدوء كيف تحمي أطفالك من الاعتداء الجنسي، وتمنحهم نموًا جنسيًا صحيحًا نفسيًا.

هل عليّ أن أربط ابنتي؟!

نعم عليك أن توعيها بحدودها ومساحتها الشخصية بالطبع، كيف؟:

  1. عليك أن توضّح لطفلتك/ طفلك حدود الجسد المسموح برؤيته ولمسه من الآخرين، وأن عليه غلق باب الحمام/ الغرفة حين يخلع ملابسه، ومن غير المسموح إطلاقًا أن يلمس أحد حدود منطقتك الخاصة (باستثناء الأم/ الطبيب) عند الحاجة، ومن آن لآخر عليك أن تنبه على هذه الأمور بهدوء ودون عصبية غير مبررة.
  2. عليك أن تجيب على أسئلة طفلك المحرجة دون سخرية وشجار وبما يتناسب مع سنه.
  3. عليك أن تمنح الطفل حقه في رفض التلامس الجسدي، وأن يرفض التلامس غير المرغوب.
  4. التقبيل من الفم مرفوض (بسبب انتقال الأمراض) قبل أن يكون السبب جنسيًا، إذا أردت أن تقبل أحدهم قبّله على خده، وإذا اعتاد الطفل أن تستأذنه قبل تقبيله (فسوف يستأذن زميلته قبل أن يقبلها).
  5. اللعب مع الجنسين مقبول بالطبع ومن سمات الطفولة الصحية، ومنعك للتلامس (الطبيعي) بين الأطفال في إطار اللعب هو ما سيحوّل التساؤلات والممارسات الطبيعية إلى غير طبيعية.
  6. احذر من الحديث/ الممارسة لأي أفعال جنسية أمام الطفل، ربما تعتقد أن طفلك لا يفهم تلميحاتك الجنسية لكنه سيفهم أن هناك شيئًا غير مريح وهو غير صحي للطفل، تسري هذه النقطة على التلفاز بالطبع وما يعرض عليه من مواد غير متناسبة مع الطفل.

ماذا أفعل في حالة التقبيل أو الاحتضان المبالغ به بين الأطفال؟

عليك أن توجه الطفل بهدوء بينما تجلس على ركبتيك، أننا نقبّل الخد لا الفم، وأن عليه الاحتضان بهدوء حتى لا يتضايق صديقه/ صديقته، ويفضل الاستئذان المسبق، كلما كانت ردة فعلك هادئة وطبيعية اتخذ الموقف طابعًا هادئًا وطبيعيًا دون أي تشوهات لدى الطفل.

وتذّكر دائمًا أن الأطفال لا يتصرفون بدوافع جنسية، وإنما بدوافع فطرية وتلقائية.

اقرأ أيضًا:دليلك لفهم وتوجيه السلوكيات الجنسية للأطفال حتى 6 سنوات


يقول محمد عيد:

ما هو الفرق بين (الشخصي) و(العيب)؟

عندما نذهب للحمام نحن لا نقوم (بعيب)، جميع البشر يذهبون للحمام ويقومون بنفس الأشياء، لماذا إذًا نقوم بغلق باب الحمام علينا ونتدارى عن الأنظار ما دام هذا ليس عيبًا وما دمنا نفعل نحن والآخرون نفس الأشياء؟

التربية الكلاسيكية، التي تبنت فكرة أن هنا (عيب) لا يجب أن يراه أحد، هي التربية التي أنشأت مجتمعات وأسرًا مريضة في غرف النوم، فهذا الجسد (عيب) طوال عمري، كيف بأبي الكبير العاقل وأمي الفاضلة المُحترمة أن تطلب مني (التعرّي) وممارسة (العيب) أمام رجل غريب في غرفة تُغلق علينا تحت سمعهما وبصرهما؟ كيف فجأة يتحول كل هذا العيب لجميل وألف مبروك؟!

تضاد نفسي لا يخرج من قيوده أحدٌ من الذين تربوا بهذا النمط العتيق الخاطئ، ولو تعدت المرأة هذا اليوم على أرض الواقع ففي قرارة نفسها هي لا زالت تحتاج وقتًا وربما سنين وربما أبدًا، كي تزيل وتعادل أثر (العيب) الذي رسّخته أمها وأبوها ومجتمعها فيها.

كذلك الرجل الذي تربى على الفخر بمناطقه الحساسة وأموره الخاصة حد التباهي، حد الحكي للأصدقاء في جلسات المقاهي، حد رفضه القاطع لأي احتمالية وجود مشكلة (فيه) عندما تكون هناك مشاكل في غرفة نومه مع زوجته. كيف وأنا (العنتيل) المُتباهي (الرجل) (الذكر) أن تكون لديّ مشكلة؟ بالتأكيد هذه (الأنثى) التي يجب عليها أن تخشى وتحرص وتدافع وتخاف، هي المسئولة عن أي وكل مشكلة جنسية.

مربط الفرس هذا هو المُتسبب الأول في الأمراض الجنسية الحياتية والأمراض النفسية لدى الجنسين، فلا هذا لديه فخر يستدعي التباهي ولا هذه لديها عيب يستدعي الخوف، بل الاثنان متساويان وعلى الأهل تعلم المنطق الفطري السليم للتعامل الجنسي الإنساني، فالاثنان مخلوقان باحتياج فطري، وشهوة جنسية وأعضاء خاصة، كلاهما يتساويان في كل هذا، لا يجب لـ (ابني الذكر) أن (يبوس اللي هو عايزه) ولأن (ابنتي أنثى) أن: (لو متربية كانت منعته).

المنطق يقول لو أن ابنك (متربي) ما أقدم على المساس بحدود الآخرين وانتهاك مناطقهم الخاصة، هذه تربية إنشاء مُتحرش صغير سيتحول سريعًا لمُتحرش كبير يرى من حقه أن (يبوس اللي هو عايزه). لا مجتمع ولا عُرف ولا دين يقول بذلك.

المنطقة الحساسة أو الأعضاء الخاصة

لأننا نقوم بفعل شيء شخصي، وليس عيبًا. كذلك جسد طفلي وحدوده، هو شخصي وليس عيبًا. لا يجب على ولد كان أو بنت أن يتعلموا الخجل من جسدهم أو أنه (عيب)، بل أن يعرفوا أنه (خاص) وأن يحترموا هذه الخصوصية. يسري هذا على مُجمل الجسد، ويسري على كل أفعال التلامس الجسدي.

هي أعضاء يجب أن يتعرف عليها النشء في الوقت السليم، ليُدرك الممارسات السليمة المتعلقة بالصحة والسلامة والنظافة و(الخصوصية)، وبالتدريج بعد ذلك وبشكل علمي أو ديني علينا أن نُعلمه الاستخدام الطبيعي لكل ما يخص الإنسان دون خجل أو خوف، بل بخصوصية وإدراك لدوره المُسيطر الكامل على كل ما هو خاص به.

من هنا يستطيع التصدي لأي مُتحرش، ويستطيع ممارسة حياته الإنسانية بشكل سليم، لا يتطرف ناحية اليسار ولا يتشدد ناحية اليمين.

  • لذلك لا تعتدوا على أطفالكم بالضرب مهما كان السبب ففي هذا خرق للخصوصية الجسدية.
  • لا ترسخوا فروقًا بين الجنسين فلا يمتاز أحدهما عن الآخر.
  • لا تتجاهلوا التوعية الجنسية وتشيحوا بوجوهكم في الناحية الأخرى كأنكم لا ترون.
  • لا يُلمس أطفالكم أيًا كان نوع اللمس أو هدفه عنوة دون إرادتهم.
  • لا تتحدثوا أحاديث الجنس التي قد يتداولها الكبار نهائيًا أمام الأطفال، فيجب على الوعي الجنسي أن يُمرر بتقنين ووفقًا للمرحلة العُمرية.

لذا علينا أن نربي أبناءنا تربية واعية شاملة لا تربية منقوصة تقوم على (العيب)، فالأمور لو كانت كذلك ما خلقها الله، بل هي أمور خاصة قننها الدين والمُجتمع، تخضع فيها حرمة الجسد كله لصاحبها، يعطيها -في غِطائها الاجتماعي- لمن يشاء ويمنع عنها من يشاء.