يُعدّ البودكاست من أفضل وسائل التعلم وأنسبها لأي شخص يرغب في الاطلاع على أفكار جديدة تضيف له وتساهم في حل أنواع مختلفة من المشكلات التي يواجهها، ويعتبر أيضاً من وسائل الترفيه والتسلية، فهو ليس قاصراً على الموضوعات الجادة أو المحتوى التعليمي فقط، بل تجد فيه تصنيفات عديدة ومتنوعة.

إن كنت تسعى إلى استغلال وقتك بشكل أفضل، والاستفادة من ساعات مهدرة في يومك، ستجد أنّ البودكاست إحدى أهم الوسائل التي تساعدك على ذلك، ولكن هل تعلم ما هو البودكاست؟ وإن سمعت عن المصطلح من قبل، فهل تستمع إلى أي بودكاست؟

لما للبودكاست من مزايا عديدة، وقدرة على تغيير حياتك للأفضل – كما غير حياتي وحياة الكثيرين – فأخصص هذا المقال للتعريف بفكرته ومزاياه، في ظل عدم انتشار الوعي به بين مواطنينا في العالم العربي. وأقدم لك أيضاً أربعة ترشيحات لبرامج بودكاست متميزة ومتنوعة يمكنك أن تبدأ بالاستماع لها. ثلاثة من هذه الترشيحات هي لضيوفي من شخصيات عربية مؤثرة – كلٌّ في مجال تخصصه، أستضيفهم في حوارات أقدمها من خلال البودكاست الذي أحدثك عنه بتفصيل أكبر في ختام مقالي.


ما البودكاست؟

البودكاست هو سلسلة من الحلقات المسجلة صوتياً – وفي بعض الأحيان النادرة تكون في صورة فيديو – تذاع عبر الإنترنت وتستمع إليها على هاتفك الذكي – أو الكمبيوتر – باستخدام تطبيقات مخصصة لذلك. أشهرها وأهمها، تطبيقي «Podcasts» التابع لشركة Apple وتطبيق «Podcast Addict» لمتستخدمي نظام التشغيل Android.

تمتاز برامج البودكاست – كما ذكرت في المقدمة – بتنوع تخصصاتها واتساع تصنيفات حلقاتها. فإذا ألقيت نظرة على موقع «iTunes»، ستجد عدداً هائلاً من البرامج والحلقات التي تناقش شتى الموضوعات. فمنها التي تناقش قضايا سياسية، ومنها اقتصادية، وفي مجالات التسويق والمبيعات، ريادة الأعمال وإدارة الشركات الناشئة. وستجد برامج متخصصة في مجالات التغذية والصحة النفسية والجسدية. حتى أنك ستجد برامج كوميدية وموسيقية ودينية وأخرى متخصصة في الجانب الاجتماعي والعاطفي، منها التي تساعدك على الفوز بقلب فتاة أحلامك أو فتى أحلامك.

إحصائية عن مستمعي البودكاست

وفقاًلإحصائية تجرى سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن حوالي 40 % ما يعادل 112 مليون أمريكي استمعوا إلى برامج بودكاست، بينما 21 % أي ما يعادل67 مليونا يستمعون إليها بشكل منتظم (على الأقل مرة شهرياً). هذا على الرغم من العمر القصير لفكرة البودكاست، فقد ظهرت لأول مرة في عام 2007 مع إصدار Apple لتطبيق iTunes . وإذا عدت إلى إحصائيات السنوات الماضية ستجد أن أعداد المستمعين تزداد، وأن برامج البودكاست في نمو، بشكل كبير.

البودكاست هو أنسب وسيلة للتعلم

استعنت بهذه الإحصائيات لأوضح نقطة هامة وهي أنه بالرغم من الانتشار الهائل للمحتوى المرئي في صيغة الفيديو وتنوعه، إلا أن جمهور البودكاست يتزايد بشكل سريع، وستجد أن أبرز وأشهر الكُتاب والمفكرين على مستوى العالم يتجهون إلى تقديم أفكارهم عبر برامج البودكاست. وهذا يعود – في رأيي – إلى أن البودكاست هو أنسب صورة لتقديم محتوى تعليمي طويل نسبياً مقارنة بالمحتوى المرئي. كما أنه أسهل في الاستخدام بالنسبة للمتلقي.

فمن ناحية، يمكنك الاستماع إليها في أي وقت تشاء – أثناء قيادة السيارة، وركوب المواصلات، أثناء الجري أو ممارسة الرياضة، أو أثناء القيام بالأعمال المنزلية – فالاستماع إلى حلقات البودكاست لا يتطلب انتباهك الكامل – كما هو الحال بالنسبة إلى قراءة الكتب أو مشاهدة الفيديو – أو أن تترك ما بيديك وتتفرغ له ولكن يمكنك استخدامه أثناء قيامك بأي نشاط روتيني لا يحتاج إلى تركيز أو تفكير.

ومن ناحية أخرى، مساحة الحلقة أقل بكثير من نظيرتها في صيغة الفيديو، ولا تحتاج إلى سرعة عالية من الإنترنت لتحميلها أو الاستماع إليها.


ترشيحات تبدأ بها الآن

والآن بعد أن تعرفنا على البودكاست ومزاياه، أقدم لك بعض الترشيحات المميزة كي تبدأ على الفور في الاستماع إلى البودكاست المناسب لك. خلال الحوارات التي أجريها مع عدد من الشخصيات المؤثرة في مجالات عديدة في الوطن العربي، ذكروا لي مجموعة من برامج البودكاست التي يتابعونها، وتحدثوا عن أثرها في حياتهم، وكيف ساعدتهم على تطوير مشروعاتهم وإثراء فكرهم والتقدم في مجال عملهم.

فإليك أربعة ترشيحات مميزة، تتنوع تخصصاتها، لكن تشترك في تقديم محتوى ثري ومتميز. ثلاثة من الترشيحات هي لضيوفي، والأخير هو ترشيحي الشخصي الذي أتمنى أن ينال إعجابك.

بودكاست جامعة ستانفورد لقادة التفكير الريادي | Stanford ETL:

خلال حواره معي، ذكر عماد المسعودي رائد الأعمال اليمني ومؤسس محرك البحث العقاري «عقار ماب» أنه يستمع إلى جميع حلقات البودكاست، والتي تخطت الـ300 حلقة.

الحلقات هي عبارة عن محاضرات يقدمها شخصيات مختلفة من قادة الفكر، ورواد الأعمال والكتاب المشهورين، وتهدف إلى تنمية الفكر الريادي عند الشباب ودعم رواد الأعمال بمختلف اتجاهاتهم حتى يحققوا تأثيرًا أكبر في مجتمعاتهم.

الحلقات متواجدة بصيغتها الصوتية على تطبيق Apple Podcasts ، كما تجدها على YouTube وموقع Stanford e-corner في صيغة الفيديو. متوسط زمن الحلقة حوالي ساعة، وجميع الحلقات تعرض باللغة الإنجليزية.

بالتأكيد إذا كنت صاحب مشروع، فستجد الحلقات أنسب لك، وتستطيع تحقيق الاستفادة من جميع الحلقات، لأن البودكاست يستهدف في الأساس أصحاب المشروعات. لكنك ستجد أيضاً عددًا من الحلقات – ليس بالقليل – مناسباً لك كشخص يسعى لتطوير ذاته ويبحث عن أفكار جديدة.

بودكاست مكتبة نيويورك العامة | NYPL Podcast:

وهو عبارة عن لقاءات مفتوحة مع مفكرين، وكتّاب، وفنانين وغيرهم من الشخصيات المؤثرة في المجتمع الأمريكي. وتقوم النقاشات حول أفكار متنوعة في شتى المجالات. فهي نقاشات تغذي العقل وتجعله منفتحاً على أهم القضايا والموضوعات.

بدأ محمد رحمي في الاستماع إلى برامج البودكاست، وقت تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن يعود إلى مصر لتولي منصبه الحالي كمدير تنفيذي لمؤسسة «Endeavor Egypt». وظل مواظباً منذ ذلك الوقت على الاستماع إلى عدد من برامج البودكاست – وهذا بالتحديد – لأنه يؤمن أن كل شخص يجب أن يفتح آفاقه لتجارب وأفكار مختلفة، ولا يجب أن ينغلق على التعلم في مجال عمله فقط.

وهذا البودكاست يساعده على ذلك. فمن خلاله يتعرض لمناقشات ثرية في الفن والأدب وغيرها.

متوسط زمن الحلقة حوالي ساعة، وجميع النقاشات تدور باللغة الانجليزية. ويمكنك الاستماع إليها من هنا.

ساعة راديو تيد | TED Radio Hour:

الحلقات كما يبدو من العنوان هي تجميع لمجموعة من خطب «تيد» في زمن يقارب الساعة.

الأفكار المشاركة من خلال «تيد» تتنوع ما بين تجارب شخصية، أبحاث علمية أو مشاركات في شتى التخصصات. الشيء الوحيد المشترك بين كل خطب «تيد» هو أنها أفكار جديرة بالانتشار. وكما هو الحال بالنسبة للخطب المرئية عبر موقع «تيد» أو YouTube حيث يشاهدها الملايين من جميع أنحاء العالم، كذلك بالنسبة للبودكاست، يستمع إليه الملايين.

ومن ضمن الحريصين على متابعة «ساعة راديو تيد»مصطفى شرارة، رائد الأعمال المصري، وأحد مؤسسي «Excuse my Content»، ومن المصورين الشباب الموهوبين حيث كرمه موقع Instagram لتميز المحتوى الذي يقدمه على حسابه الشخصي على الموقع. كما تم اختيار مجموعة من صوره لتعرض كلوحات إعلانية داخل مصر وخارجها. ويمكنك الاستماع إلى جميع حلقات البودكاست باللغة الإنجليزية من هنا.

الحياة المتزايدة | The Increasing Life:

وهذا ترشيحي الخاص، وليس من الغريب أن أقوم بهذا الترشيح، وأنا مقدم البودكاست.

البرنامج هو مجموعة من الحوارات باللغة العربية مع شخصيات عربية، تحقق نتائج إيجابية في مجالات وجوانب مختلفة من الحياة. فيتنوع ضيوفي ما بين كتاب كبار، رواد ورائدات أعمال، أو خبراء في تخصصات معينة يقدمون نصائحهم للمستمعين.

الهدف من هذه الحوارات هو تقديم محتوى عربي ثري يساعد المستمع على التقدم في حياته وتحقيق نتائج أفضل، ويجمع مابين التحفيز والتعليم؛ فيحكي كل ضيف قصته، وكيف استطاع التعرف على هدفه في الحياة وأهم العقبات التي مرّ بها في طريقه حتى وصل إلى تحقيق إنجازات في حياته. كما يشارك كل ضيوفي بأهم الكتب التي كان لها التأثير الأكبر على حياتهم، والنظام الذي يعتمدون عليه في إنجاز مهامهم اليومية والتغلب على التسويف. بالإضافة إلى العديد من الموضوعات الأخرى التى أتطرق لها في مناقشاتي مع ضيوفي والتي لا يتسع لها هذا المقال، فأنصحك بالاستماع إلى الحلقات بنفسك.

ويمكنك الاستماع إلى كافة الحوارات من على SoundCloud أو عبر تطبيقات البودكاست من هنا.

والآن جاء دورك، إن كنت بالفعل مستمعًا لبرامج البودكاست، شارك بكتابة عنوان برنامجك المفضل والإضافة التي قدمها لك، وإن لم تكن تعرف عن البودكاست من قبل، فبأي من هذه الترشيحات ستبدأ؟

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.