محتوى مترجم
المصدر
ناشونال إنترست
التاريخ
2015/07/28
الكاتب
كورتني بليلر

في حين هدفت الغالبية العظمى من مجموعة الدول الـ5 زائد 1 إلى عزل إيران عن الاقتصاد العالمي على مدى العقد الماضي، استفادت الصين من القطيعة مع إيران في الحصول على مواضع قدم أولية في كل من القطاع النفطي وغير النفطي من الاقتصاد الإيراني.

وقد وُضِعت بكين الآن أولًا في خط الأعمال الإيراني. والأهم من ذلك، في السنوات المقبلة، يمكن أن تعمِّق طهران علاقاتها طويلة الأمد مع جمهورية الصين الشعبية في الجيش، والإنترنت، والمجالات الاستراتيجية.


بعد رفع العقوبات

تستفيد بكين أكثر من رفع العقوبات. فمنذ أن أصبحت الصين مستوردًا صافيًا للنفط، في عام 1993، تحولت بكين إلى طهران كي تساعدها في تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. وقبل العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، كانت الجمهورية الإسلامية هي ثالث أكبر مورد للنفط الخام إلى صين.

وفي عام 2011، استوردت جمهورية الصين الشعبية 550 ألف برميل يوميًا من إيران. وقد وضعت الصين -على مضض- عقوبات على إيران، لكن استمر استيراد النفط حتى عندما كانت العقوبات في حيز التنفيذ.

وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 2013، أفادت تقارير أن شركة «تشوهاي شينرونغ» الخاضعة للعقوبات من قِبل الولايات المتحدة، قد تفاوضت على عقد مكثفات غاز طبيعي جديد مع شركة النفط الوطنية الإيرانية. وفقًا لـ«ذا وول ستريت جورنال»، زادت واردات الصين من النفط الإيراني بنسبة 30% خلال السنوات الـ5 الماضية، وتمثل الآن 9% من وارداتها الإجمالية.

في جميع أنحاء المنطقة، سيسمح تخفيف العقوبات للشركات الصينية بتسجيل مكاسب أكبر في قطاع التجارة والاستثمار النفطي. كما تأمل باكستان بالفعل في أن ذلك سيحفز الصين لتوفير ما يصل إلى 2 مليار دولار لإنجاز خط أنابيب إيران-باكستان للغاز الطبيعي المسال، وهو المشروع الذي بدأ، في العام 2010، لكن وتقف تنفيذه في العام 2013، بسبب تلك العقوبات.

ومن شأن هذا المشروع أن يدعم الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، ومجموعة من الطرق السريعة، والسكك الحديدية، وخطوط الأنابيب، التي تربط غرب الصين بميناء «جوادر» الباكستاني على بحر العرب، مما يخفض تكاليف الشحن الصينية، ويعزز التجارة.

وفي مقابل النفط،غمرت بكين الأسواق الإيرانية بالسلع الاستهلاكية الرخيصة، وأنشأت علاقات في القطاعات غير النفطية من قبيل البناء، والتصنيع، والنقل. وفي العام الماضي، رفعت الصين حصَّتها للاستثمار في البنية التحتية، في إيران، لأكثر من 50%.

لقد فرض نظام العقوبات قيودًا على منح الإيرانيين العملة الصعبة، ولكن بكين قد استفادت فعلًا من خلال توسيع حصتها في السوق، في إيران، على حساب الشركات المحلية. وتحتل الشركات الصينية الآن المكانة الأمثل من أجل الحصول على امتيازات غير النفطية واستثمارات، بعد إزالة العقوبات، بما يجعل الشركات والمستثمرين الآخرين في خطوة للوراء.

من المؤكد أن طهران ستوسع شراكتها مع بكين بعد الصفقة. خلال المفاوضات، ساعد استمرار التجارة والاستثمار الصينيين إيرانَ في الهروب من أسوأ ما في نظام العقوبات. ومع ذلك، نظرًا لخوفها من الظهور بمظهر الممكن لإيران، بما قد يعرض الروابط الاستثمارية مع الولايات المتحدة للخطر،عرقلت الصين من مساعدة إيران بشكل أكبر.

ومع إزالة العقوبات، فإنه لدى الصين حرية أكبر لتعميق علاقاتها مع إيران ليس فقط فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، ولكن أيضًا في القطاعات السيبرية والعسكرية.


التواطؤ السيبري الإيراني الصيني

ليس جديدًا. ففي العام 2012،ذكرت وكالة رويترز أن شركة الاتصالات الصينة «زد تي إي» قد وقَّعت عقد تجهيزات شبكات بقيمة 130.6 مليون دولار عام 2010، مع شركة الاتصالات الإيرانية، التي تسيطر على معظم خدمات الهاتف الثابت في إيران، لمساعدة إيران على مراقبة الاتصالات السيبرية، والنصية، والصوتية.

وقد أعلن رئيس الشركة الصينية «زد تي إي» أن تحقيقًا جنائيًا أمريكيًا اضطرت الشركة إلى تقليص نشاطها في إيران، ولكن اتهم منافس «زد تي اي»؛ «هواوي» للتكنولوجيا المحدودة، الشركة بالتعامل المستمر مع إيران. وقد اعتمدت طهران منذ فترة طويلة على بكين في التكنولوجيا والدراية الفنية، ودعتها مؤخرًا للتعاون المشترك في مجال البحث، والاستثمار، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمجال الجوي، والاتصالات السلكية واللاسلكية.

ومن المرجح أن تسرع إيران من التنسيق مع الصين في السنوات المقبلة، لتحسين قدرتها المحلية السيبرية في المراقبة، وفي شن حروب إلكترونية مدمرة على الشركات العالمية. قد تتطلع إيران للدعم العسكري من قِبل الصين، على الرغم من أن القيود المفروضة على الاتفاق النووي بشأن مبيعات الأسلحة، والصواريخ، قد تؤجل من هذا التعاون.

تعاون عسكري

يعود التعاون العسكري الإيراني الصيني إلى الثمانينيات، عندما قدمت الصين لإيران السلاح، والصواريخ الباليستية التكتيكية، وصواريخ كروز المضادة للسفن، في حربها ضد العراق. وقد سهَّلت الصين التحديث العسكري الإيراني، ومما يشتبه فيه أنها قد أمدت إيران بتكنولوجيا ومعدات عبر كوريا الشمالية.

أصرت الصين مرارًا خلال المفاوضات في فيينا، على رفع الحظر المفروض على الأسلحة من قِبل الأمم المتحدة، وعلى الرغم من أن خطة العمل الشاملة المشتركة تحافظ على حظر الأمم المتحدة للأسلحة والصواريخ، لمدة خمس سنوات، وثماني سنوات على التوالي، إلا أن وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» قد اقترح أن كلًا من روسيا والصين ستواصل عقد صفقات أسلحة مع إيران وفقًا لإجراءات مجلس الأمن في الأمم المتحدة.

لطالما حصرت بكين نفسها عادة في دور تجاري، في منطقة الشرق الأوسط، ولكن يمكن للدعم العسكري للجمهورية الإسلامية أن توفر موطيء قدم لنفوذ إقليمي أكبر، خصوصًا في منطقة الخليج.


مصالح استراتيجية

تشترك إيران والصين في أمور مماثلة على الرغم من المصالح غير المتطابقة. لديهما مصلحة استراتيجية مشتركة في تشكيل ثقل موازن للهيمنة الأمريكية في المنطقة. وقد صرَّح المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيراني «آية الله علي خامنئي» أن الاتفاق النووي لا يغير من العلاقات الإيرانية مع الغرب بشأن “القضايا العالمية والإقليمية المختلفة”.

وترغب الصين في منع واشنطن من “التمحور” حول آسيا والمحيط الهاديء. لكن لدى الصين مصلحة في الحفاظ على مسافة من إيران. فعلى الرغم من تخفيف العقوبات، لا تريد الصين لا تريد أن تعرض للخطر نمو تجارتها واستثمارتها مع الولايات المتحدة، وأوروبا، عن طريق الظهور متواطئة في مشاريع إيران الإقليمية الأكثر زعزعة للاستقرار.

ختامًا؛ تبقى الصين ثرية، وقوية، وجاهلة عمدًا بانتهاكات إيران لحقوق الإنسان المحلية، وألاعيبها الإقليمية من أجل النفوذ، مما يجعل بكين شريكًا مثاليًا لطهران.